اليوم، يسير العدالة والتنمية في أفق تضييق الخناق على المجلس الأعلى للحسابات، إذ طالب فريقه النيابي بفرض رقابة برلمانية صارمة على مهام واختصاصات المجلس من أجل تقوية الدور الذي يمكن أن تضطلع به هذه المؤسسة في المساهمة في حماية المال العام ومراقبة طرق تدبير السياسيات العمومية. وكتبت جريدة الصباح في عددها ليوم غد الأربعاء، عن رغبة فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب منح رئيس الحكومة حق اقتراح المؤسسات المعنية للافتحاص وفرض رقابة صارمة على تقارير ووثائق مجلس جطو.
وحسب الجريدة، فقد استند العدالة والتنمية الذي سبق أن قدم مقترحات حول القانون المنظم للمفتشية العامة، إلى المقتضيات الدستورية الجديدة التي خصت المجلس الأعلى للحسابات بعدد من الفصول ونصت على تغيير إطاره العام بما ينسجم مع أدواره المركزية في مراقبة المالية العمومية، وكذا توسيع اختصاصات المجلس الجهوية ومسطرة الإحالة على وزارة العدل والحريات أو وزارة الداخلية. من جهة أخرى طالب فريق العدالة والتنمية إدريس جطو بضرورة الأخذ بعين الاعتبار مقترحات رئيس الحكومة أو أحد رئيسي غرفتي البرلمان، على جدول أعمال المؤسسات العمومية المشمولة بالرقابة أو مراقبة تسيير أحد الأجهزة الخاضعة لرقابة المجلس الأعلى.
صلاحيات بنكيران
لا شك، أن فريق العدالة والتنمية، يريد بهذه الخطوة، الرفع من صلاحيات رئيس الحكومة المنتمي لحزبهم، فعلى ما يبدو وجدوا في طلبهم طريقا من أجل ذرء تلك النعوت التي يوصف بها بنكيران بأنه عاجز على استعمال الصلاحيات التي يخولها له الدستور، رغم أن نواب العدالة والتنمية يتحججون أن خطوتهم هذه، لا تزعم تضييق الخناق على مجلس إدريس جطو، بقدر ما تهدف إلى إبعاد تهمة "الإنتقائية"، التي ظلت لصيقة بأكبر مؤسسة للمراقبة المالية العمومية بالمغرب خلال السنوات الماضية.
لكن هل بمنح رئيس الحكومة بنكيران، الحق في اختيار المؤسسات العمومية المعنية للافتحاص، ستزول "تهمة الانتقائية"؟ الجواب واضح، فطلب العدالة والتنمية، ظاهره القضاء على الانتقائية في اختيار المؤسسات وباطنه، استمرار هذه الانتقائية لكن بمباركة من رئيس الحكومة.
للفريق النيابي للعدالة والتنمية ما يكفيه من حلبات الصراع، ولا يظهر أنه في صالحهم، الدخول في مسلسل لشد الحبل مع إدريس جطو، فكان حريا بهم تقديم مقترح يقضي بفرض استراتيجية جديدة من أجل مراقبة المؤسسات العمومية، دون اقتراح تغيير الشيء بالشيء عينه.