ففي قصاصة مليئة بالأكاذيب والتناقضات، سمحت وكالة الأنباء الجزائرية لنفسها بدون خجل أو حياء بتقديم قراءة متحيزة وتلفيقية وهي تتلاعب بمحضر مجلس الوزراء الذي عقد يوم 4 يونيو والذي صادق على مجموعة من النصوص من بينها اتفاق الصيد البحري بين المملكة والاتحاد الأوربي وكذا بروتوكول تنفيذه وتبادل الرسائل المصاحبة له وهو الاتفاق الذي يغطي منطقة الصيد الممتدة من (رأس سبارتيل) في الشمال إلى (الرأس الأبيض) جنوب مدينة الداخلة.
وفي محاولة فاشلة لتحويل أنظار الرأي العام الدولي حول الوضع الداخلي الخطير الذي تعيش الجزائر على إيقاعه منذ مدة وفي تحدي سافر لمطالب الشعب الجزائري الشقيق عاودت وكالة الأنباء الجزائرية هستيريتها المعهودة لتدعي بكل وقاحة أن مجلس الوزراء المغربي "يكون اعترف بعدم سيادة" المملكة على الصحراء حين صادق على اتفاق الصيد البحري مع الاتحاد الأوربي.
لكن ما لم تستطع هذه الوكالة استيعابه كعادتها، ان نص اتفاق الصيد البحري هو صيغة جديدة جاءت لتحل محل الاتفاقية السابقة التي انتهى العمل بها في شهر يوليوز 2018.
وإذا كان الاتفاق الذي انتهت صلاحيته والذي كان موضوع مسطرة على مستوى محكمة العدل في الاتحاد الأوربي لم يحدد صراحة المياه الإقليمية المغربية للأقاليم الجنوبية فإن الاتفاق الجديد تدارك هذا الأمر وقام بالتنصيص على ذلك صراحة وضمنه في نص الاتفاق.
لقد كان هاجس المفاوضين المغاربة والأوربيين الذين اشتغلوا لفترة طويلة على المقتضيات والإجراءات الجديدة للاتفاق هو مراعاة ملاحظات العدالة الأوربية التي إلى جانب تشديدها على ضرورة إدراج المياه الإقليمية المغربية للأقاليم الجنوبية أكدت على أهمية إبراز الفوائد التي ستعود بالنفع على الساكنة الصحراوية المغربية من هذا الاتفاق وهو ما تم القيام به بكل وضوح وشفافية والأرقام والأدلة والشهادات كلها تدعم وتؤكد ذلك.
وبعد الاستجابة لمطالب العدالة الأوربية تمت المصادقة على اتفاق الصيد البحري من طرف البرلمان الأوربي شهر فبراير الماضي بأغلبية ساحقة خلال الجلسة العامة في ستراسبورغ (415 صوتا مؤيدا مقابل رفض 189 صوتا وامتناع 49 من أصل 653 نائبا برلمانيا أوربيا شاركوا في هذه الجلسة العامة) قبل أن يتم اعتماده من طرف مجلس الاتحاد الأوربي في الرابع من مارس وهي المرحلة الأخيرة من المصادقة على هذا الاتفاق على مستوى الاتحاد الأوربي قبل المصادقة عليه على المستوى الوطني (مجلس الحكومة ومجلس الوزراء والبرلمان).
وبالنظر الى ان الجوانب القانونية والتشريعية للاتفاق مرتبطة ببعضها البعض، يوضح النص على المستوى السياسي، ان الاتفاق تم ابرامه دون المساس بمواقف كل من الاتحاد الأوربي، والمغرب الذي يعتبر ان جهة الصحراء جزء لا يتجزأ من التراب الوطني، الذي يمارس فيه كامل اختصاصاته السيادية، كما هو الشأن بالنسبة لباقي التراب الوطني.
وتؤكد نصوص الاتحاد الأوربي ان مثل هذا الاتفاق لا يمكن بأي حال من الأحوال ابرامه مع كيان آخر ليس باستطاعته ضمان الطابع المستدام لاستغلال الموارد، وتدبير ومتابعة اعتمادات الدعم القطاعي التي يستفيد منها السكان.
كما تؤكد هذه النصوص، قرارات العدالة الأوربية التي لم تعترف في مختلف أحكامها، بأي حق للبوليساريو على هذه الموارد، ولا بأي صفة قانونية أو تمثيلية تدعي أنها تمتلكها.
وعلاوة على ذلك، كانت للجنة الأوربية، في مختلف مراحل التفاوض، وخلال الاستشارات المتعلقة بتجديد هذا الاتفاق، امام محاورين رئيسيين، يتشكلون من المنتخبين والفاعلين المهنيين والمجتمع المدني للأقاليم الجنوبية للمملكة، الذين يعتبرون الممثلين الحقيقيين للسكان الصحراويين.
كما توضح المقتضيات القانونية للاتفاق والنصوص المرافقة له انه أبرم "ضمن الاحترام التام للقانون الدولي وفي انسجام مع القوانين المعمول بها في الاتحاد الروبي".
ويجدر هنا التذكير ايضا بأن المغرب القوي بمشروعيته التاريخية، وحججه القانونية القوية، التي تشكل اساسا لمغربية الصحراء، ويقوم عليها ايضا الاجماع الوطني حول قضيته المقدسة، تفاوض ببراعة خلال كل المراحل السابقة لتبني هذا الاتفاق، وكذا الاتفاق الذي مدد التفضيلات التعريفية الأوربية لتشمل الاقاليم الجنوبية.
ولا شك ان المغرب الذي نجح في التأمين القانوني لاتفاقياته، سيزيد من درجة يقظته من أجل اقبار مناورات خصوم الوحدة الترابية الى الأبد، وإحباط مكائد الذين يواصلون في الجزائر دسائسهم ومؤامراتهم ضد المملكة، بدلا من توجيه اهتمامهم للوضع الكارثي لبلدهم.