أحدثت المعلومة التي تم الكشف عنها، يوم الثلاثاء 8 ماي بلاس بالماس، من قبل رئيس المنتدى الصحراوي الكناري ميغيل أورتيز، ضجة إعلامية دبلوماسية. فحوالي 26 ألف أورو (286 ألف درهم) تدفع من أموال دافعي الضرائب الجزائريين في حساب شركة لوبي أمريكية، Keene Consulting، التي يديرها دافيد كين المقرب من جون بولتون، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الأمن القومي.
لسنا بحاجة إلى عراف من أجل معرفة مرامي تقديم هذه الأموال من قبل الجزائر إلى دافيد كين، الذي تربطه علاقات صداقة مع جون بولتون، وكان رئيسا سابقا للجمعية الوطنية للبنادق، وهو لوبي قوي في أمريكا المعروف بقربه من الجمهوريين، وهو اللوبي الذي عين في السابق جون بولتون لتحمل مسؤولية الشؤون الخارجية.
ويكفي هنا العودة إلى المقالات التي كان ينشرها دافيد كين في ركن "رأي" بواشنطن تايمز والتي كان مسؤولا عنها، للتحقق من تحيزه الفاضح لأطروحات الانفصاليين. ففي شهر أكتوبر 2013، نشر نداء من أجل "تقرير مصير الصحراء الغربية".
وعقب وفاة زعيم البوليساريو السابق، محمد عبد العزيز، نشر في شهر ماي 2015 مقالا في نفس الصحيفة يشيد فيه بهذا الأخير.
وقد سبق لـLe360 أن نشر مقالا يوم 13 فبراير 2019 تحت عنوان "نفاق السفير الجزائري بواشنطن"، وينتقد فيه العروض السخية التي تقدها الجارة الشرقية للوبي الأمريكي، من بينها الشركة التي يديرها دافيد كين، من أجل الترويج للأطروحات الانفصالية للبوليساريو ومعاكسة الوحدة الترابية للمغرب.
وقد تم التوقيع على العقد بالتحديد مع دافيد كين يوم فاتح نونبر 2018، أي ساعات قليلة بعد مصادقة مجلس الأمن على قرار ضد الثنائي الجزائري-الانفصالية، ويتعلق الأمر تحديدا بالقرار رقم 2440. في هذا القرار تمت الإشارة لأول مرة إلى الجزائر على الأقل ثلاث مرات باعتبارها طرفا في نزاع الصحراء.
من بين أهداف هذا العقد المبرم من قبل الجزائر مع مكتب دافيد كين، من بين مكاتب دراسات أمريكية (خاصة مكتب فولي هواغ المتواجد ببوسطن) محاولة تلميع الصورة المشوهة للجزائر لدى الإدارة الأمريكية وتعزيز مكانتها بمجلس الشيوخ الأمريكي الذي أصبح يسيطر عليه الجمهوريون بعد انتخابات سادس نونبر 2018. وكان يعول دافيد كين على الدعم القوي لشخصيات في الغرفة العليا بالبرلمان الأمريكي، خاصة ليندسي غراهام وجيمس إينهوفي (من الحزب الجمهوري) وباتريك ليهي (من الحزب الديمقراطي)، وهي شخصيات معروف بدعمها للجزائر والبوليساريو.
الصحراء: عندما عبر جون بولتون عن "إحباطه" حيال طول النزاع
تتذكرون جيدا هذا التاريخ: في 13 ديسمبر 2018 أعرب مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب، جون بولتون، عن "إحباطه" من طريقة تدبير الأمم المتحدة لقضية الصحراء. ملاحظة لا بد منها: جون بولتون، الذي تحدث أمام خلية أمريكية للتفكير (Heritage Foundation)، أعرب عن "هذا الإحباط" بعد شهر واحد من إبرام العقد، في 1 نوفمبر 2018، بين الجزائر وشركة صديقه دافيد. هل هذه صدفة؟ هل كان لصديقه الرئيس السابق للجمعية الوطنية للبنادق دور في هذه الخرجة لبولتون؟
على أي حال، بدا جون بولتون نفسه في هذه المناسبة سريع الغضب، لدرجة أنه قال كلمات قاسية إلى حد ما عن بعثة المينورسو، إلى درجة التشكيك في جدواها، أمام دهشة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، ناهيك عن الأعضاء المؤثرين الآخرين في مجلس الأمن، بما في ذلك فرنسا، العضو الدائم في هذا الجهاز الحاسم للأمم المتحدة.
تجدر الإشارة أيضا إلى أنه، اعتبارا من أبريل 2018، بعد اتخاذ القرار 2414، تم تقليص فترة ولاية بعثة المينورسو إلى ستة أشهر فقط، بدلاً من سنة إضافية، كما كان المعمول به من قبل.
وهنا مرة أخرى، من الواضح للجميع أن جون بولتون هو صاحب هذا المقترح، وذلك بهدف "حث" أطراف النزاع على العودة إلى طاولة المفاوضات، التي بدأت في عام 2007 في مانهاست، لإيجاد حل سياسي لنزاع الصحراء المفتعل.