هل يمكن وضع المغرب على قدم المساواة مع البوليساريو، حتى لا نقول مع الجزائر، في مجال "حقوق الإنسان"؟ ""من المهم تحسين وضع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ومخيمات تندوف"، يقول مجلس الأمن، في قراره 2468، الذي اتخذه يومه الثلاثاء، بأغلبية أعضائه الخمسة عشر (13 صوتا مؤيدا) وامتناع عضوين عن التصويت (روسيا وجنوب إفريقيا).
فمن غير المعقول ألا تتم الإشارة في هذا القرار إلى القمع الذي يكابده سكان مخيمات لحمادة-تندوف، هذا فضلا عما يجري في الجزائر حيث تستمر المظاهرات ضد النظام الجزائري منذ أشهر! والأمر المحبط فعلا هو أن القلق الوحيد الذي عبر عنه هذا الجهاز التقريري بالأمم المتحدة لا يهم إلا تقليص المساعدات الدولية، على الرغم من أن جزءا كبيرا من هذه المساعدات يتم اختلاسها من قبل قادة البوليساريو والجيش الجزائري ليتم بيعها فيما في السوق السوداء بنواذيبو وباماكو، بل وحتى بالجزائر العاصمة نفسها!
لنتكلم بوضوح. ألا يتحمل مسؤولية هذا "العمى" إلى ديبلوماسيتنا التي لم توضح بالشكل الكافي الوضعية المزرية في مخيمات الجحيم، حيث تم نشر دبابات يوم السبت الماضي 27 أبريل من أجل قمع المدنيين العزل، "ذنبهم" الوحيد هو خروجهم منذ فاتح فبراير الماضي للاحتجاج والمطالبة برفع الحصار المفروض على المخيمات، عبر الحد من رخص خروج العربات في اتجاه المنطقة ما وراء الجدار في الصحراء المغربية. فقد أصبحت السلطات الجزائرية تمنح ترخيصا واحدا كل 10 أيام لكل عربة!
صحيح أن دور اللجنتين الجهويتين للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالعيون والداخلة تمت الإشارة إليه، لا أقل ولا أكثر..
ويبدو أن مجلس الأمن، الذي يوجد به أعضاء يقال بأنهم "اصدقاؤنا"، يحاول أن يحافظ على التوازن وألا يثير غضب الطرف الآخر (الجزائر والبوليساريو) الذي يبرع في المناورة والتضليل في كل مرة يتم حشد الناس ضد اعتقال مشتبه حتى ولو تعلق الأمر بملف الحق العام في الجنوب المغربي! كل حدث يقع في الأقاليم الصحراوية يتم استغلاله من هذا الطرف بإرسال "رسائل الاستنكار" إلى الأمين العام للأمم المتحدة وكذا أعضاء مجلس الأمن.
إن القول بضرورة إعادة النظر جذريا في استراتيجيتنا الهجومية في موضوع ذو أهمية قصوى وهو ملف حقوق الإنسان، الذي يحتل مكانة مهمة في خطاب الأمم المتحدة ومجلس الأمن بشكل خاص، ليس كلاما فارغا. خاصة وأنه في هذا الملف لا يوجد شيء مشترك بين ما يقع شرق وغرب الجدار الأمني المغربي.
غير أنه في الشق السياسي، يشكل القرار رقم 2468 "تطورا كيفي". فمفهوم "حق تقرير المصير"، العزيز على قلب الثنائي الجزائري-الانفصالي، لم تتم الإشارة إليه إلا مرتين في نص هذا القرار، وهو ما يقبر وهم "الاستقلال" الذي يدافع عن الطرف المعادي. وقد كانت Le360 سباقة إلى إثارة هذا الموضوع هذا الصباح من خلال الإشارة إلى استياء الجزائر والبواليساريو الذي تجلى في قصاصة لوكالة الأنباء الجزائرية نشرت قبل المرور إلى التصويت على مشروع القرار، وتكهنت بامتناع محتمل عن التصويت من قبل ألمانيا التي ترأس حاليا مجلس الأمن.
كما أن مجلس الأمن أخذ مرة أخرى علما بمقترح الحكم الذاتي المغربي، مع التنويه "بالجهود الجدية" التي يقوم بها المغرب من أجل "إيجاد حل سياسي واقعي وعملي ودائم" و"يقوم على أساس التوافق" لنزاع الصحراء.
هذا التأكيد يقبر بشكل نهائي لخيار "الاستقلال" المتقادم وغير الواقعي وغير القابل للتطبيق، وهو الخيار الذي مازالت الأطراف الأخرى المعادية تدافع عنه، ضد على الدينامية الجديدة التي يرغب الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي إلى الصحراء في إعطائها للمسلسل السياسي الذي أطلق يوم 11 أبريل بمانهاست وتوقف في مارس 2012 بسبب المناورات المعادية من أجل عرقلة مناقشة مخطط الحكم الذاتي الذي شكل أرضية هذا المسلسل السياسي الهادف إلى إيجاد حل نهائي لنزاع عمر أكثر من 40 سنة.
هذه المناورات كان تحيكها الجزائر التي، للمرة الأولى منذ 1975، تكرر اسمها خمس مرات في هذا القرار الجديد، في حين أن الجزائر مازالت تؤكد بأنها ليست طرفا في هذا الملف. هذا الهروب إلى الأمام لا يمكن إلا أن يثير السخرية.
إن الإشارة خمس مرات إلى الجزائر في قرار لمجلس الأمن بشأن نزاع الصحراء، يعني الاعتراف بدورها المحوري كطرف أساسي.
لذلك، يدرك مجلس الأمن أن مشاركة الجزائر القوية والمستمرة والبناءة ضرورية لإنهاء هذا النزاع الإقليمي الطويل. ليس من قبيل الصدفة أن يتحدث مجلس الأمن هذه المرة عن "الدور البناء" الذي من المفترض أن تلعبه الجزائر، من أجل دفع البوليساريو إلى تنخرط في "سلام الشجعان" التي يدعو له المجتمع الدولي.
غير أن لا شيء يؤكد أن الجزائر تفهم الأمور على هذا النحو.
ويتعين انتظار ستة أشهر أخرى لنرى من جديد تقريرا آخر للأمين العام للأمم المتحدة وقرار آخر لمجلس الأمن. في هذا الإطار، يتعين على الديبلوماسية المغربية التي يقودها ناصر بوريطة ألا تكتفي بعزف أسطوانة الرضا عن النفس للرأي العام المغربي، بل أن تعمل على تقديم الحجج بشأن الخروقات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة بشرق الجدار الأمني، وتقديم عرض للوقائع حول الوضعية المزرية لهؤلاء الرجال والنساء والأطفال الذين يعانون الأمرين في جحيم مخيمات تندوف.