المكان الذي اختاره هورست كوهلر لاحتضان الجولة الثانية من المائدة المستديرة حول الصحراء (يومي 21 و22 مارس الجاري) ليس وليد الصدفة. بل إنه يعكس منذ الآن الشكل والروح التي يريد كوهلر إعطاؤهما لهذه الجولة. فعكس الإطار الرسمي والمغلق لقاعدة "كونكورديا" بقصر الأمم المتحدة بقلب جنيف، اختار هذه المرة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة قلعة لا روزي التاريخية الواقعة بالريف بين جنيف ولوزان.
وتقع هذه القلعة البعيدة عن أعين المتطفلين في بلدة بورسين وتزاوج بين الألفة والانفتاح. وهما أمران ضروريان بالنسبة لهذه الجولة الثانية التي تنعقد تحت شعار "إعادة تدابير الثقة" خاصة بمعاودة الرحلات بين مطار مدينة العيون وتندوف لفائدة العائلات الصحراوية المقيمة في هذا الجانب وذاك.
وينضاف إلى رمزية المكان رمزية التوقيت أيضا. إذ يجب إثارة الانتباه إلى أن انعقاد هذه الجولة الثانية (بمشاركة المغرب، الجزائر، البوليساريو وموريتانيا) يتزامن مع بداية فصل الربيع.
غير أن هذه الجولة الثانية لن تكون مجرد نزهة. إنها تأتي في وقت تمر فيه الجزائر-التي تعتبر الداعم الأساسي للبوليساريو- بأزمة مؤسساتية وسياسية غير مسبوقة. فالشارع الجزائري مازال يغلي ويتظاهر للمطالبة بنهاية النظام الجزائري اللاشعبي، القامع للحريات والفساد.
وهذا الزلزال الذي ضرب الجزائر كان له وقع كبير على تندوف، حيث ارتفعت الأصوات من أجل التنديد بفساد قيادة البوليساريو الانفصالية.
هذه المؤشرات لا تنبئ بأن شيئا إيجابيا سيتحقق خلال هذه الجولة، التي سيخيم عليها الحراك الذي مازال يهز الجزائر والبوليساريو.
وقد علمنا بأن هورست كوهلر قد بعث أمس دعوة إلى الجزائر من أجل المشاركة في هذه الجولة الثانية، بدون تقديم توضيحات حول مستوى تمثيلية هذا البلد في هذا اللقاء المهم من أجل تحقيق تقدم في اتجاه إيجاد حل سياسي وواقعي وقابل للتطبيق لحل هذا النزاع المفتعل حول الصحراء.