فاتح غشت الماضي، كان يوما عاديا كباقي الأيام سينتهي في زواله بخروج بلاغ للديوان الملكي يعفي محمد بوسعيد، القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار من مهامه كوزير للاقتصاد والمالية في حكومة سعد الدين العثماني.
الخبر نزل كالصاعقة في الوسط السياسي، فبوسعيد الذي شغل المنصب ذاته في حكومة عبد الإله بنكيران، خرج من الحكومة طبقا لأحكام الفصل 47 من الدستور.
البلاغ أشار آنداك إلى أن القرار الذي اتخذ بعد استشارة رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، يأتي في إطار تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، الذي يحرص الملك أن يطبق على جميع المسؤولين مهما بلغت درجاتهم، وكيفما كانت انتماءاتهم »، يشدد البلاغ.
وكأي مسؤول بدأ الكل يبحث عن أخطاء بوسعيد، ماهي الزلة التي ارتكبها محاسب الحكومة..انطلقت التكهنات لتجمع أن القيادي في حزب «الحمامة» أعفي من منصبه كوزير الاقتصاد والمالية، لعدد من الأسباب، من بينها تأخر التأشير على الميزانيات المرصودة في إطار برنامج «الحسيمة منارة المتوسط»، الذي عرفت مشاريعه تعثرا وتأخرا في الإنجاز مرتبط بتوفير الموارد المالية وهو ما يقع ضمن مسؤولية وزارة الاقتصاد والمالية.
سبب آخر عجل برحيل بوسعيد عن وزارة الاقتصاد، هو تدبير ملف تحرير المحروقات، ففي الوقت الذي كان من المفروض أن يتم تدبير قواعد السوق لصالح المستهلك وربط ثمن المحروقات بالأسعار الدولية، حصل العكس وارتفعت أسعار المحروقات على حساب جيب المستهلك والفاعلين في ميدان الصناعة.
ولعل أهم الأخطاء التي حاصرت بوسعيد آنداك وساهمت في إقبار مساره في الحكومة، هي الغموض الذي رافق ملف تفويت شركة «سهام للتأمين» المملوكة لمولاي حفيظ العلمي إلى الشركة الجنوب إفريقية «سانلام».
الأخبار تحدثت عن وجود تضارب للمصالح في هذه الصفقة، إذ أنه بعد عملية التفويت اتهم العلمي باستغلال مقتضيات مالية وردت في قانون المالية لسنة 2018، الذي أعدته وزارة بوسعيد، حيث تمضنت هذه المقتضيات فقرة تخض إعفاء تفويتات الأسهم أو حصص المشاركة في الشركات.
ويعفي المقتضى الوارد في قانون المالية لهذه السنة، صفقات تفويت الأسهم أو حصص المشاركة في الشركات، من رسم قيمته 4% من قيمة الصفقات، كان يؤدى كواجبات التسجيل، لتسفيد صفقة شركة «سهام» التي وصلت قيمتها مليار دولار من الإعفاء الضريبي المذكور. والغريب أن الصفقة تمت في الوقت الذي لم تعطي فيه هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، الضوء الأخضر لإنجاز الصفقة.
شرفات أفيلال.. وزيرة «زوج دريال»
سيتذكر المغاربة القيادية في حزب التقدم والاشتراكية والوزيرة المكلفة بحقيبة الماء، بتصريحها المثير حول تقاعد الوزراء والبرلمانيين والذي وصفته بمدخول «زوج دريال». الوزيرة ستجد نفسها فجأة خارجة التشكيلة الحكومية، رغم أنه لم يتقرر إقالتها بشكل مباشر لكن بلاغ الديون الملكي تحدثت عن حذف كتابة الدولة المكلفة بالماء لدى وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، ونقل وإدماج جميع صلاحياتها، ضمن هياكل واختصاصات هذه الوزارة دون الحديث عن مصير كاتبة الدولة لحزب «الكتاب».
إقالة أفيلال في الـ20 غشت الماضي، ستبثعر أوراق رفاق بنعبد الله الذين عقدوا اجتماعا، بعد القرار بأيام هاجموا فيه بشكل مباشر رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، حيث عبر الحزب عن «استغرابه من الأسلوب والطريقة التي دبر بها رئيس الحكومة هذا الأمر، حيث لم يتم إخبار لا الحزب ولا كاتبة الدولة المعنية بهذا المقترح قبل عرضه للمصادقة».
أزمة رفاق بنعبد الله وإخوان العثماني كانت ستعصف بالائتلاف الحكومي، خصوصا عندما تعالت أصوات داخل حزب «الكتاب» تطالب بالخروج من الحكومة إلى المعارضة.