لقد توجه المغرب القوي بعدالة قضيته الوطنية الأولى وبالإجماع الوطني حول مغربية الصحراء وكذا بريادة وقوة مبادرته حول الحكم الذاتي التي اعترف المجتمع الدولي بـ"جديتها ومصداقيتها" إلى جنيف بهدف وحيد هو المضي قدما في مسلسل التسوية من خلال إجراء محادثات معمقة والتقدم نحو حل عملي وواقعي لهذا النزاع وذلك بعد فشل كل المخططات السابقة.
وبعد أن جددت التأكيد على التزامها الثابت والقوي بالعملية السياسية ودعمها للمبعوث الشخصي بتنظيم مائدة مستديرة ثانية خلال الربع الأول من عام 2019، اعتبرت المملكة المغربية أن المناخ الإيجابي والجيد الذي ساد هذا الاجتماع لا يكفي لإحياء وإعادة إطلاق المسلسل الأممي على أسس صلبة وسليمة من أجل التوصل إلى حل سياسي عملي واقعي ودائم لهذا النزاع الذي دام أكثر من اللازم.
ويأمل المغرب في هذا السياق أن تعرف المائدة المستديرة الثانية التزاما صادقا من جميع الأطراف من أجل الدخول في محادثات معمقة حول الحل السياسي لكنه غير مستعد للانخراط في مناقشات عقيمة ستكون مجرد مضيعة للوقت بالنسبة للمجتمع الدولي.
كما أن المغرب الذي توجه إلى جنيف بوفد يضم الممثلين الشرعيين المنتخبين للساكنة في الصحراء المغربية عبر عن استعداده للعمل من أجل الإعداد الجيد للاستحقاقات المقبلة " بنفس الجدية ونفس الروح الإيجابية ونفس المرجعية الواضحة " كما أكد على ذلك ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون في تصريحات للصحافة بعد نهاية أشغال المائدة المستديرة التي احتضنتها جنيف.
وأكد بوريطة أن المغرب ينتظر أن يتم استثمار اللقاء المقبل بنفس الروح البناءة التي سادت وأن تترجم إلى إرادة سياسية حقيقية لدى الأطراف الأخرى بهدف التوصل إلى حل .
وأضاف أن المغرب شارك في هذه المائدة المستديرة ب " إرادة صادقة من أجل إعادة إطلاق الاندماج الإقليمي والعمل مع جميع البلدان من أجل أن يصبح المغرب العربي أخيرا فاعلا للسلام والاستقرار والتنمية في محيطه المباشر ولبلدانه وللشعوب المغاربية الخمس ".
وأكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون على الإطار المرجعي الذي قاد وأطر محادثات جنيف وخصوصا القرار الأخير لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والذي يجب أن يظل هو نفسه خلال المواعيد المقبلة.
وأشار إلى أن هذه المائدة المستديرة “مختلفة عن الطريقة السابقة لعدة أسباب ذلك انه لأول مرة كانت جميع الأطراف المعنية حاضرة وشاركت بشكل فعلي في النقاش، ثم بالنظر لمرجعيتها حيث جاءت بعد القرار 2440 والذي حدد في فقرته الثانية لهذه المائدة المستديرة هدفا محددا يتمثل في التوصل إلى حل عملي واقعي وقائم على التوافق".
وتنضاف إلى كل ذلك، المشاركة المتميزة للمنتخبين بالأقاليم الجنوبية للمملكة في الوفد المغربي والتي تعد الأولى بالنظر إلى اللقاءات السابقة التي تمت تحت إشراف الأمم المتحدة، وهو ما كرس مكانتهم كناطقين شرعيين باسم الساكنة بالأقاليم الجنوبية التي أضحت تدير اليوم شؤونها بكل ديموقراطية في إطار الجهوية.
وكان كل من سيدي حمدي ولد الرشيد رئيس جهة العيون- الساقية الحمراء وينجا الخطاط رئيس جهة الداخلة - وادي الذهب وفاطمة العدلي الفاعلة الجمعوية وعضوة المجلس البلدي للسمارة وأول امرأة صحراوية منتخبة منذ عام 1992 أفضل شهود أمام محاوريهم على الدينامية المتميزة التي تشهدها الأقاليم الجنوبية للمملكة تحت القيادة الرشيدة والرؤية المتبصرة للملك محمد السادس.
يشار إلى أن مشاركة الوفد المغربي في المائدة المستديرة بجنيف جاءت بناء على دعوة من المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة هورست كولر الموجهة بتاريخ 28 شتنبر و23 نونبر الماضيين لكل من المغرب والجزائر و"البوليساريو" وموريتانيا.