إن التهديد بشن الحرب ضد الجزائر، الذي أطلقه الرجل الليبي القوي يوم السبت 8 شتنبر، هو من مظاهر السخط العام تجاه سياسة النظام الجزائري العدائية والمزعزعة للاستقرار تجاه جميع بلدان المنطقة. بالتأكيد، فإن كلمات حفتر، المنبثقة بفضل شخصيته القوية، تبرز أن الوضع بات على أعتاب الحرب، كما أنها تعكس الحالة الذهنية المشتركة لدى جميع بلدان المنطقة. إن انعدام الثقة بل والسخط تجاه النظام الجزائري، الذي أصبح خطرا حقيقيا علي السلام والأمن في منطقه الساحل والصحراء بسبب مكائده، بات حقيقة واقعية. ولم يعرب اللواء حفتر سوى عن مشاعر مشتركة لغالبية البلدان التي تتقاسم حدودا مع الجزائر.
إن قوة هذا الرجل الليبي الشرقي تكمن في قدرته على توجيه الكلام بصوت مرتفع، حتى وإن كان كلاما لا يستطيع آخرون الحديث فيه سوى بصوت منخفض: "كفى، ماعاد يجب رؤية النظام الجزائري وهو يتدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة. إنها حقيقة تضع هذا النظام الاستبدادي، القديم، أمام تناقضات عدة، ولعل أبرزها، تلك المبادئ "الدستورية" المقدسة التي لا تتدخل فيها الجزائر في شؤون البلدان الأخرى وتحترم سيادتها وسلامتها الإقليمية، سيما تلك القريبة منها جغرافيا.
وضد هذه المبادئ، وبدون مضمون أو مشاركة حقيقية في الوقائع، فقد سمحت الجزائر لنفسها، باسم مكافحة الإرهاب -الشعار المفضل لدى المجتمع الدولي- بأن تقتحم الأراضي الوطنية لدولة ذات سيادة. الحديث هنا عن ليبيا، وخاصة ليبيا الغربية، عن طريق إرسال عناصر من جيش التحرير الوطني (ANP).
ومن الواضح أن هذا التوغل العسكري الجزائري يتجاهل التحذير الذي أطلقه في 5 ماي 2017 اللواء حفتر نفسه، ردا علي دخول الجنوب الليبي، في نفس الشهر ودون إذن مسبق من السلطات الليبية، وزير الشؤون الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل. وقد وجه اللواء الليبي تحذيرا صارما، قال من خلاله: "في الوقت الذي يحارب فيه الإرهاب لحماية السيادة الوطنية (...)، شهدنا الآن دخول وزير الخارجية الجزائري وقيامه بجولة في المدن الجنوبية الليبية بدون رقابه أو تفويض، كما لو يتفقد مدينة جزائرية. وتحدث مع الشخصيات التي تحمل دائما الكراهية تجاه الليبيين".
التحذير سقط على آذان صماء! وكدليل على ذلك، تواجد عناصر مسلحة تابعة لبلد يعارض، عبر وزيره عبد القادر مساهل، كل أشكال التدخل الخارجي في ليبيا.
التدخل الفاضح في قضية الصحراء المغربية..
من جهة، تحاول الجزائر القول إن القضية هي من مسؤولية الأمم المتحدة، محاولة في الوقت نفسه إقحام الاتحاد الافريقي، ومن جهة أخرى، تسعى لجر أوتار الصراع، وذلك عبر منحها الدعم للبوليساريو.
والأرقام تحدث كثيرا: فقد فتحت الجزائر العاصمة ما لا يقل عن 350 مليار باسم "حق شعب الصحراء في تقرير المصير"، منذ اندلاع هذا الصراع الذي شنه الكولونيل السابق هوار بومدين، ذو الاسم الحقيق محمد بوخروبة! ولم يجرد أحفاد بومدين أنفسهم من هذا الملف، مستمرين في سياستهم الخارجية المعادية، مساعدين جبهة المرتزقة في النهب، وسرقة المساعدات الانسانية، والرق، وتهريب المخدرات والاسلحة.
الجزائر-تونس اللعنة الجغرافية..
مثل المغرب، ومؤخرا ليبيا، دفعت تونس ولا تزال تدفع ثمنا باهظا للسياسة العدائية للنظام الجزائري. سيما أن وزير الشؤون الداخلية التونسي السابق رياض الموخر، قال، يوم الخميس 4 ماي 2017، خلال حضوره لندوة عقدتها منظمة "كراكسي" بروما: "عندما يسألوني عن تونس أقول لهم إنها موجودة تحت إيطاليا، لا أقول إنها موجودة بجوار الجزائر، الدولة الشيوعية".وهذا يعني أن المسؤولون التونسيون منزعجون من هذه "اللعنة الجغرافية"، التي تقع علي بلدهم. فالجزائر باتت بمثابة مصدرا للمشاكل بالنسبة لجيرانها.
في حقيقة الأمر، فإن الجزائر العاصمة لا تمتلك القدرة على المواجهة، لذلك فهي تعتمد وهم "القوة الإقليمية" الذي تريد فرضه دون امتلاك الصفات الضرورية.
لكن لنمر.. لأن ذلك لن ينتهي! ليبقى السؤال هو ما الذي تبقى للدول التي لم تدخل بعد في الأزمة مع الجزائر العاصمة؟
إنه سر مكشوف: الجزائر العاصمة، محاصرة من قبل الإرهابيين الذين صنعتهم بنفسها. إن حالة مالي ترمز إلى لعبة المجزرة التي شاركت فيها الخدمات الجزائرية بشكل دائم، في منطقة أصبحت العمود الفقري لـ "الدولة الإسلامية". أبو بكر البغدادي، الذي أعاد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بمعية مختار بلمختار (المولود في عنابة)، عدنان أبو الوليد الصحراوي (العنصر السابق في ميليشيا البوليساريو المسلحة) ...
إن الدور المضطرب الذي تلعبه الجزائر في هذه المنطقة،يتجسد في المجموعة المسماة "أنصار دين"، المكونة من عناصر إدارة المخابرات والأمن الجزائرية السابقة (DRS) ، التي تديرها منذ ذلك الحين المسماة لياد غالي. هذه المجموعة، التي أُنشئت في منطقة غاو (شمال مالي)، والتي أطلقت في عام 2013 هجومًا على باماكو، مما عجل بالتدخل العسكري الفرنسي، ثم وضع تحت الاسم الرمزي "سيرفال"، وبعد ذلك، العملية لازالت مستمرة «برخان».
حدود النيجر ليست محصنة ضد المناورات الجزائرية، التي تجذب الآلاف من المهاجرين من جنوب الصحراء إلى الصحراء النيجيرية، مما يخلق أزمة هجرة غير مسبوقة، شجبتها الأمم المتحدة بشدة.
بشكل، العديد من البلدان تعاني من سياسة الجزائر العدائية، وليست ليبيا فقط.