تذكروا الرابع من أبريل الماضي، حينما تكلف ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الدولي بإيصال رسالة ملكية للأمين العام للامم المتحدة أنكونيو غوتيريس، سطر فيها على الدور المركزي للجزائر في النزاع حول الصحراء المغربية، خلال هذه الرسالة قال الملك محمد السادس :" "تتحمل الجزائر مسؤولية صارخة. إن الجزائر هي التي تمول، والجزائر هي التي تحتضن وتساند وتقدم دعمها الدبلوماسي للبورليساريو"، وسجل الوزير ، خلال الرسالة ذاتها أنه انطلاقا من ذلك، "طالب المغرب، ويطالب دوما بأن تشارك الجزائر في المسلسل السياسي، وأن تتحمل الجزائر المسؤولية الكاملة في البحث عن الحل، وأن بإمكان الجزائر أن تلعب دورا على قدر مسؤوليتها في نشأة وتطور هذا النزاع الإقليمي".
هذا الرسالة لم تبق حبرا على ورق، حيث جاءت التوصية الأممية رقم 2414، المصادق عليها نهاية أبريل الماضي، بكون أغلبية أعضاء مجلس الأمن، تدعو بلدان المنطقة، ومن بينها الجزائر إلى "الانخراط بشكل أعمق في الحل السياسي"، المعبر عنه منذ 2007 بمنهاست، الضاحية النيويوركية، من أجل "الدفع بالمفاوضات نحو حل سياسي عادل ودائم"، لوضع نهاية لهذا النزاع القائم منذ أربعة عقود.
على الجزائر أن تعترف بدورها المحوري في النزاع، وأن تعترف بمسؤوليتها التاريخية، بدعم واحتضان البوليساريو، والكف عن الترويج لبعض السيناريوهات الخيالية التي تروج لها كـ"استفتاء تقرير المصير"، والتي تعترف الأمم المتحدة بكونه غير قابل للتطبيق.
خرجة الرئاسة البريطانية لمجلس الأمن، يوم أمس الأربعاء، من اجل التركيز على دور الجزائر في النزاع، تذكر من جديد الجار الشرقي على تحمل مسؤولياته، خصوصا أن المنطقة باتت تحت خطر الجهاديين وأتباع أبو بكر البغدادي، دون الحديث عن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، التي تضم أسماء في غالبيتها من أصول جزائرية، كمختار بلمختار، المزداد بعنابة، الذي يعد حاليا أكبر الإرهابيين المبحوث عنهم عبر العالم.
ليس صدفة إذن أن يضع مجلس الأمن الجزائر أمام مسؤوليتها، حتى وهو لا يعلن اسمها بشكل مباشر. كما أن نائب السفير الممثل الدائم لبريطانيا لدى الامم المتحدة، جوناتان ألين، أعلن عودة المشاورات مع نهاية دجنبر المقبل.
أمام هذه المستجدات الأممية، هل ستعود الجزائر إلى جادة الصواب وتعترف بمسؤوليتها في النزاع المفتعل؟ وهل سترضخ لطلبات مجلس الأمن المتكررة حول التفاوض انطلاقا من المقترح المغربي حول الحكم الذاتي، الذي يرى فيه المنتظم الدولي "حلا جادا وصادقا وواقعيا"؟
الخروج من هذا الوضع، يقتضي أولا اعتراف الجزائر بدورها في الملف، وكفها عن الترويج للخيار الاستفتائي، والكف عن حربها الباردة ضد المغرب، التي لا تقوم سوى على المس بمصالح المملكة، وعلى رأسها وحدتها الترابية.