وبحسب مصادر متطابقة، فإن إعفاء بوسعيد من منصبه كوزير الاقتصاد والمالية، يأتي لعدد من الأسباب، من بينها تأخر التأشير على الميزانيات المرصودة في إطار برنامج «الحسيمة منارة المتوسط»، الذي عرفت مشاريعه تعثرا وتأخرا في الإنجاز مرتبط بتوفير الموارد المالية وهو ما يقع ضمن مسؤولية وزارة الاقتصاد والمالية.
سبب آخر عجل برحيل بوسعيد عن وزارة الاقتصاد، هو تدبير ملف تحرير المحروقات، ففي الوقت الذي كان من المفروض أن يتم تدبير قواعد السوق لصالح المستهلك وربط ثمن المحروقات بالأسعار الدولية، حصل العكس وارتفعت أسعار المحروقات على حساب جيب المستهلك والفاعلين في ميدان الصناعة.
وارتكبت وزارة الاقتصاد والمالية، خطأ ليس فقط بعدم استباقها في تدبيرها لملف المحروقات، ولكن كذلك لعدم تفاعلها مع وضعية السوق التي أصبحت أكثر اضطرابا.
ومن الأسباب التي دفعت بإقالة بوسعيد، تساهله في ملف تفويت شركة «سهام للتأمين» إلى الشركة الجنوب إفريقية «سانلام»، علما أنه من الناحية السياسية، محمد بوسعيد ينتمي إلى نفس الحزب ( التجمع الوطني للأحرار) الذي ينتمي إليه مالك مجموعة «سهام»، مولاي حفيظ العلمي.
في ظل هذا الغموض، بدأ البعض يتحدث عن وجود تضارب للمصالح في هذه الصفقة والتي تسببت كذلك على مايبدو بالعصف ببوسيعد، إذ أنه بعد عملية التفويت اتهم العلمي باستغلال مقتضيات مالية وردت في قانون المالية لسنة 2018، الذي أعدته وزارة بوسعيد، حيث تمضنت هذه المقتضيات فقرة تخض إعفاء تفويتات الأسهم أو حصص المشاركة في الشركات.
ويعفي المقتضى الوارد في قانون المالية لهذه السنة، صفقات تفويت الأسهم أو حصص المشاركة في الشركات، من رسم قيمته 4% من قيمة الصفقات، كان يؤدى كواجبات التسجيل، لتسفيد صفقة شركة "سهام" التي وصلت قيمتها مليار دولار من الإعفاء الضريبي المذكور. يحصل ذلك في الوقت الذي لم تعط فيه هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، الضوء الأخضر لإنجاز الصفقة.
وتشير المادة 172 من قانون التأمينات إلى أن «الاستحواذ المباشر أو غير المباشر على 30 في المائة من رأسمال شركة للتأمين يتطلب الحصول على موافقة قبلية لهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي»، وأن «هذه الهئية مطالبة بالرد في أجل أقصاه 30 يوما تحتسب من تاريخ التوصل بطلب الحصول على الموافقة».
بعد شهرين من الإعلان عن الصفقة التي وصل قيمتها إلى مليار دولار، لم يخرج قرار هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي إلى الوجود.
وكان بلاغ للديوان الملكي، قد ذكر، مساء اليوم، أنه طبقا لأحكام الفصل 47 من الدستور، قرر الملك محمد السادس، بعد استشارة رئيس الحكومة، إعفاء محمد بوسعيد من مهامه كوزير للاقتصاد والمالية.
وأوضح البلاغ أن هذا القرار الملكي يأتي في إطار تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، الذي يحرص الملك أن يطبق على جميع المسؤولين مهما بلغت درجاتهم، وكيفما كانت انتماءاتهم.