بنكيران.. نيران صديقة وإعدام سياسي أخوي
لم يخطر ببال عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، أن إعدام مساره السياسي داخل الحزب ستحبك خيوطه داخل أمانته العامة ومجلسه الوطني. فالرجل كان إلى حدود ليلة قبل الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني لحزب «المصباح» المنعقدة في الـ26 من نونبر الماضي، يبعث برسائل مطمئنة حول مستقبله السياسي في الحزب وكأنه كان متيقنا من بقائه على رأس الأمانة العامة.
وجاءت ليلة الحسم في «برلمان البيجيدي »، حيث خاض أعضاؤه نقاشات طويلة وحادة انتهت بتصويت 126 عضوا في المجلس الوطني لصالح قطع الطريق على بنكيران للوصول إلى رئاسة الأمانة العامة للحزب لولاية ثالثة، في مقابل موافقة 101 عضو على تعديل المادة 16 من القانون الأساسي التي كانت ستفسح المجال لبنكيران لقيادة الحزب لأربع سنوات أخرى.
وخرج بنكيران بعد التصويت من القاعة مطأطأ رأسه، رافضا الإدلاء بأي تصريح صحفي إلا بعد انتهاء التصويت على كافة التعديلات المطروحة على المجلس الوطني، بخطى متسارعة خاطب الصحافيين أنه لن يدلي بأي تصريح حاليا ودخل إلى مطعم المركز الوطني للرياضات مولاي رشيد بمعمورة وأخذ يصافح الموظفين الذين سهروا على تأمين خدمة التغذية لأعضاء المجلس الوطني، المشهد كان سرياليا وصامتا وكأن الزمن توقف ببنكيران بعد النتائج النهائية.
ابتلع بنكيران سم إخوانه ورضي بقرارهم، وأدلى بتصريحات شدد فيها على مبدأ احترام الديمقراطية الداخلية ومؤسسات الحزب، الذي دخل منعطفا آخر بعد قرار المجلس الوطني.
وبدون مفاجآت، سينعقد المؤتمر الوطني الثامن لحزب العدالة والتنمية، للحسم في خليفة بنكيران وأعضاء الأمانة العامة والمجلس الوطني. ومرة أخرى كذلك وبدون مفاجئة سيتم انتخاب رئيس المجلس الوطني سابق والأمين العام السابق، سعد الدين العثماني أمينا عاما جديد للحزب، بعدما حصل على 1006 أصوات من أصل 1943، العدد الإجمالي للمصوتين، فيما حصل منافسه إدريس الأزمي على 912 صوتا.
نهاية شباط وعودة آل الفاسي
بعد شهور من الشد والجذب بين تيار الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، شباط وتيار نزار بركة والقيادي حمدي ولد رشيد انتهى صراع الإخوة الأعداء بإزاحة شباط عن قيادة شباط، لتدفن بذلك أربع سنوات تولى فيها شباط قيادة الحزب، سنوات اعتبرها معارضوها عجاف وحملت أخطاء تاريخية (الخروج من حكومة بنكيران1) وأسمهت في تراجع نتائج الحزب في الانتخابات التشريعية الأخيرة
مشهد إعدام شباط سياسيا، سيبدأ خلال جلسات ماراطونية احتضنها منزل حمدي ولد رشيد في أحد الأحياء الراقية بالرباط، حضرها أغلب أعضاء اللجنة التنفيذية الناقمون من تدبير شباط للحزب. المشهد سيكتمل أكثر عندما وقع قياديون منهم عبد الله البقالي وعبد القادر الكيحل وعادل بنحمزة، المعروفين بقربهم من شباط رسالة مطولة يؤكدون فيها أنهم «غير معنيين بترشيح حميد شباط لولاية ثانية ».
في الجانب الآخر للجلسات، كانت القيادات خلال إعدامها لشباط، تحاول الإعداد للمرحلة المقبلة من خلال الخروج بمرشح لقيادة الحزب الاستقلال يكون محطا إجماع من قبل اللجنة التنفيذية ومناضلي الحزب، والذي لن يكون سوى نزار بركة، سليل أحد أعرق العائلات الفاسية فالرجل نشأ في أسرة سياسية، حيث أنه جده من أمه هو الراحل علال الفاسي، مؤسس حزب الاستقلال، وزعيم الحركة الوطنية المغربية.
وجاء يوم الحسم، وانتخب نزار بركة أمينا عام جديد لحزب «الميزان »، في السابع من أكتوبر الماضي، خلال المؤتمر الوطني السابع عشر للحزب، حيث حصل على 924 صوتا مقابل 230 صوتا لمنافسه، حميد شباط.
إلياس العماري.. بقاء بطعم الهزيمة
ككل السياسيين الماكرين، سارع الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، إلياس العماري إلى تقديم استقالته، تجاوبا مع «الخطاب الملكي الذي انتقد فيه الأحزاب السياسية». استقالة وكما كان متوقعا رفضها المجلس الوطني للحزب خلال دورته العادية.
راهن إلياس العماري «تاكتيك سياسي» لمحاولة الحصول على الشرعية بعد اتساع رقعة المنتقدين داخل حزبه خصوصا بعد احتجاجات الحسيمة، والتي حمل حزب العدالة والتنمية لإلياس العماري المسؤولية في تأجيجها على اعتبار أنه رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، وأغلب الجماعات بالجهة يسيرها حزب «الجرار ».
لكن الواضح أن استقالة العماري «الوهمية» نتيجة حتمية لوضع سيء عـام، يعيشه الحزب في مختلف هياكله يتحمل فيه العماري المسؤولية الكاملة.