وفي نص استقالة مطولة، الموجهة إلى محمد خيي، الكاتب الإقليمي لحزب العدالة والتنمية بمدينة طنجة، قال جبرون إنه «انتمى إلى المشروع أواخر الثمانينيات، وبشكل قانوني في الفاتح من يناير سنة 1992، على يدي الداعية عبد الله شبابو، وكان الانتماء آنذاك يقتضي بيعة وألفاظا خاصة، ولا يتم فقط من خلال تعبئة أوراق. ومن العبارات التي أذكرها في هذا السياق، والتي رددناها بين يدي الأستاذ عبد الله، ونحن نؤدي طقوس البيعة للحركة آنذاك: وعيا مني بمسؤولياتي الحضارية ».
وأكد جبرون، أن «الوعي بالمسؤولية الحضارية والدينية جعلته لا يتردد في التضحية لصالح هذا المشروع بالغالي والنفيس، والاستعداد للقضاء في طريقه، كنا مستعدين للموت والاعتقال، وعاكسنا في هذا الطريق كل محبينا من المقربين، ومنهم الأب والأم، والكثير من أفراد العائلة، الذين كانوا يرون في هذا الانتماء كلفة لا نتحملها، لقد سافرنا كثيرا، وجعنا، وعشنا الخصاصة، وأدَّينا من مالنا ونحن فقراء، وفرطنا في أهلنا، وعائلاتنا كثيرا، وعرضناها أكثر من مرة للمخاطر، حيث كدت أن ألقى حتفي في إحدى المرات في حادثة سير خطيرة في هذا الدرب، يعرف تفاصيلها كل المقربين، كنا مستعدين للموت من أجل الأستاذ بن كيران في أيام لا يذكرها هو بالتأكيد، ولا يعرف تفاصيلها من حوله اليوم، وكنا مكلفين بحمايته.. وأنا غض طري ».
وأضاف جبرون، «لم نندم يوما على هذه التضحيات، واعتبرناها مقتضى عمليا لتلك الكلمة البريئة وعيا مني بمسؤولياتي الحضارية، وحتى عندما تغيرت الظروف وطرأ الخلاف بيننا وبين بعض الإخوة في أمور هذا الحزب، الذي كنت واحدا من مؤسسيه صيف سنة 1996، لم تتغير قناعاتي حول هذا المشروع، واعتبرت أن هذا الخلاف محدود زمانا ومكانا..، وغيرت موقعي، ورددت الأمر إلى طبعي، وتفرغت للكتابة والبحث، وكرست جهدي للتفكير في الكليات. ولم تنقطع علاقتي بالحزب بعد هذا التاريخ، واستمرت عادية، أساهم في التأطير وقت ما طلب مني ذلك ».
وتابع المتحدث، «طلبتم مني – الأخ الفاضل - أن أعود لمساعدتكم عن قرب في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها الحزب، والمساهمة في دعمكم، وبالرغم من اعتذاري لكم، ورفضي الأمر في البداية، فإن إلحاحكم والصداقة التي تجمعنا، وبتشجيع بعض المقربين قررت أن أخوض معكم التجربة، وأن أقوم بواجبي تجاه هذا المشروع الذي قضيت فيه زهرة عمري (حوالي ثلاثون سنة)، غير أن هذه المحاولة لم تكن موفقة بما يكفي وتصدعت على امتحان الرأي ».
وأوضح العضو بحزب العدالة والتنمية أن الاستقالة، «ليست تحولا في قناعاتي، وليست استدراكا على وعيي بمسؤولياتي الحضارية، التي أنا لا زلت مستمرا في القيام بها من موقعي الجديد كمثقف..، بل هي احتجاج على السقوط الأخلاقي الفظيع لكثير من أبناء هذا الحزب، وشذوذهم عن منهجه، وكيلهم التهم لشخصي، وطعنهم في عرضي.. دون أن يكلف أحد نفسه من قيادة هذا الحزب استنكار هذه الهجومات المتكررة التي تنال مني، وأمست تؤثر على محيطي العائلي ».
وأضاف جبرون، أن «ذنبي الوحيد الذي بسببه ينالني كل هذا الأذى، ومن طرف البعض الذي يعرفني عن قرب، هو أنني أفكر لكم بطريقة مختلفة، وأبحث لكم عن مستقبل آمن، وأنصح قدر الاستطاعة في حدود إمكانياتي الإدراكية، وخبرتي العلمية، ولم ألزم أحدا يوما بما أقول. إن ذنبي الوحيد هو حرصي في الحفاظ على الدور الإصلاحي لهذه التجربة الإصلاحية التي ساهمت إلى جانب مجهولين كثر في كافة ربوع المغرب في نحت طريقها.. قد أخطئ التقدير، قد أجانب الصواب، لكن حتما لم أتواطأ مع أحد يوما لإذايتكم، لم أتآمر مع أحد ضدكم، لم أعرض بأحدكم، لم أشتم، لم أخون...، قلت ما يجب قوله في الوقت المناسب بحسب إدراكي، ولم يخطر ببالي يوما أن يكون ذلك سببا في دعوة البعض لمنعي من الحديث، والاعتراض على مشاركتي في برنامج تلفزيوني وكأنني خصم لهم ».
وختم المتحدث، «إنني ببساطة، ومن خلال الأفكار السياسية التي أخطها بين الفينة والأخرى، لم أعد مفهوما، ولا متحملا بينكم، فأنا اليوم على قناعة شديدة بأنني لا أصلح لكم، وأنتم لا تصلحون لي.. إنني من خلال هذه الاستقالة التي أضعها بين أيديكم، أتحرر من الانتماء الذي جعلني في كثير من الأحيان أتخلى عن موقعي كمثقف عمومي، وأتورط في الاصطفاف..، كما أنها – أيضا – ترفع عنكم الحرج تجاهي، فعلى الأقل إذا عرض بشخصي أحد، فإنه في النهاية يعرض بـ "أجنبي" أو خصم ولا يعرض بأخ ».