تلخص علاقة تاتشر بالمغرب العلاقات البريطانية المغربية وبداياتها منذ سنة 1900، ففي عهد تاتشر لم تتأثر هذه العلاقة بكل العواصف السياسية، بل حرص البلدان على استمرار التعاون بينهما، وتجاوز كل الخلافات الطارئة.
وتزامنت فترة تولي تاتشر رئاسة وزراء إنجلترا عهد الملك الراحل الحسن الثاني، وطيلة مسارها السياسي جمعتها بالراحل علاقات استثنائية لم تؤثر فيها بعض المواقف الطارئة، فكل الأحداث التي شهدها المغرب أو العالم كانت نظرة البلدين إليها شبه متطابقة.
وتبقى سياسة تاتشر نحو المغرب لا تخرج عن نطاق سياستها العامة، فرغم "انقسام الآراء" حولها، إلا أنها "قائدة عظيمة" قادت البلاد من حالة من الانحدار إلى أن أوقفتها على قدميها مرة أخرى، كما كشف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، فهي " تحتل مكانة تاريخية في تاريخ بريطانيا وتتمتع باحترام ومكانة خاصة في قلوب البريطانيين".
لقد اعتبرت تاتشر بالنسبة إلى الملك الراحل مصدرا إلهام، ليس سياسيا فقط، بل حتى في المجال الاقتصادي، فرغم الانتقادت الموجهة لسياسات رئيسة الوزراء السابقة في بريطانيا، خاصة فيما يتعلق بسياساتها الاقتصادية، مثل الخصخصة وعلاقة الحكومة في عهدها بالنقابات العمالية وانعكاس ذلك على المجتمع البريطاني، ظلت بالنسبة إلى البلدان النامية، مثل المغرب، نوذجا يستحق التنويه.زيارة ملكية
تلخص زيارة الملك الراحل الحسن الثاني إلى بريطانيا سنة1987 علاقة البلدين، إذ قالت في حفل غذاء بمقر إقامتها بـ"داونين ستريت" بلندن، "يستحضر موقع المغرب كأكثر الدول المغاربية امتدادا في الثقافة العربية... في الأسطورة كانت جنة "هسبرايدس" حيث رأى "هرقل" التفاحات الذهبية، أما في الحقيقة فهي شجرات اليوسفي (الماندارين) التي مازلت تنمو حول مدينة طنجة... يزور عدة ألاف من مواطنينا المغرب كل سنة. إنهم ورثة لتقليد يعود إلى زمن "إليزابيث الأولى"، التي أرسلت أول مبعوثيها إلى المغرب. بعدها بمائة سنة امتلكنا حقيقة مدينة طنجة، كهدية زواج لـ"الأمير تشارلز الثاني"، لكن لم يمض وقت طويل حتى استرجعتموها منا بشكل مفاجئ كما ينبغي سنة1685”.
وبدت تاتشر خلال الحفل نفسه ملمة بالعلاقات الثنائية حتى أنها قالت:”تاريخ بلدينا متداخل بشكل ما، فبقرار اتخذ في هذا البيت فقدنا مستعمراتنا الأمريكية، وكان المغرب ثاني دولة في العالم تعترف باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية.ثم جاء "السير وينستن تشرشل"، أحد خدام هذا البيت السابقين، والذي سافر إلى المغرب سنة 1943 للقاء الرئيس "روزفلت" في الدار البيضاء، وهي الزيارة التي شكلت نقطة التحول في الحرب العالمية الثانية. وبالطبع فـ"وينستن تشرشل" عاد عدة مرات بعدها لبلادكم، التي أحبها، والتي رسم فيها أروع منظر للمغرب”.