يبدو أن تبون لا يحق له حتى أجل المائة يوم من أجل تقديم حصيلته الأولية، فما الذي جعل الرئيس بوتفليقة يهين وزيره أمام الملـأ؟ لا لسبب سوى أن تبون أرسل إشعارا لمقاولة رئيس أرباب المقاولات بالجزائر، علي حداد، المقرب جدا من شقيق الرئيس سعيد بوتفليقة، وهو ما لا يخفى طبعن عن تبون، لكن ما خفي عنه هو ما سيترتب عن نية محاسبة أحد رجالات الرئيس، في بلد هش قائم على اشبكة من العلاقات تجمعها المصالح وتقرر في مصير بلد بأكمله.
وفي وقت أثير فيه الجدل، وبدأ الجميع يتحدث عن إعفاء لعلي حداد، ظهر شعيد بوتفليقة الذي يشغل منصب مستشار لشقيقه الرئيس، فظل متشبثا به أثناء جنازة رئيس الحكومة الجزائرية السابق رضى مالك، حيث أظهرت عدسات المصورين كيف رافق سعيد بوتفليقة علي حداد حتى استقلا السيارة نفسها.
هذه التمثيلية توجت بطل الرئيس "وضع حد للفوضى التي خلفتها القرارات الجديدة، ووقف "مضايقة" رجال الأعمال".
هذا التصويب من بوتفليقة نزل كقطعة ثلج على الوزير تبون، بل وكإهانة ضد شخص كان يمارس مهامه الدستورية.
خلاصة ما وقع
ما حدث كفيل أن يسلط الضوء على ما يقوم به سعيد بوتفليقة، ونفوذه الكبير بالبلاد، التي تعيش على وقع أزمة داخلية غير مسبوقة، فماذا يعني أن يسلم الرئيس العاجز سلطاته إلى شقيقه، وهو ما لم يعد يخفى عن أحزاب المعارضة، التي بدات فعلا تتحدث عن "خلع" الرئيس الشبح وتندد علانية بوجود "سلطة موازية" يجسدها سعيد بوتفليقة، الكستفيد من غياب شقيقه ليفرض نفسه كمرشح لخلافته على رأس هرم السلطة بالجزائر في رئاسيات 2019.
الطبقة السياسية تدعو إلى "خلع" الرئيس المريض
أمام هذا الوضع، خرجت المعارضة من تحفظها وعبرت عن قلقها من هذا الوضع "الذي يهدد أمن البلاد" حسب ما أوردت جريدة الوطن.
نعم "أمن البلاد" أصبح مهددا، فالأزمة التي تعرفها قمة السلطة تنعكس سلبا على تسيير شؤون البلد، "وهي دليل على تأزم الوضع جراء ما يحدث في الرئاسة وما يليها" بحسب ما أورده حزب طلائع الحريات، حز الوزير الاول السابق علي بنفليس، في بلاغ نشرته جريدة الوطن.
ليس هذا فحسب، فحتى حزب "الجيل الجديد" الذي يدعو إلى تطبيق الفصل 102 من الدستور، الذي يتحدث عن حالة عجز الرئيس عن الحكم، ويدعو إلى "إقالة رئيس الجمهورية لتفادي تأزم الاوضاع".
وليست إقالة الرئيس هي من ستقي البلاد شر تفاقم الأوضاع، فالمشك الأكبر هم شقيقه الذي يريد خلافته ونيل مفاتيح قصر المرادية، لضمان استمرار حلف بوتفليقة على رأس السلطة، "الاتفاق بين الرئيس ومحيطة واضح: الرئيس سيموت بصفته رئيساـ وسيستغل الحلف المرض ليحكم باسمه ويحضر خليفته في الوقت المناسب"ـ بحسب ما اورد حزب الجيل الجديد بلسان سفيان جيلالي.
الانشغال ذاته يتشاطره المحللون السياسيون، كنور الدين بويكوح، الذي كتب على صفحتخ بالفايسبوك عن "وضعية خطيرة" داعيا إلى "إبعاد الرئيس بشكل فوري، بعدما ظهرت عليه علامات الخرف، ولم يعد يميز ما يقوم به".
أمام كل هذا، يلجا الشقيق سعيد بوتفليقة إلى سياسة الأذن الصماء، غير عابئ بالاصوات المعارضة في الداخل والخارج، فالبلد يشق طريقه بثبات نحو الهاوية.. لا يهم، "الأصحاب، وعلي حداد أولا" !