وجاءت هذه الالتفاتة اتجاه دولة غينيا لتؤكد من جديد، كما كان الشأن مع دولة مالي التي وقعت، أخيرا، على اتفاق للتعاون مع المغرب من اجل تكوين 500 إمام، أن المغرب يتقاسم مع مجموع دول غرب إفريقيا القيم والمرتكزات الدينية والروحية نفسها.
كما تؤكد هذه الالتفاتة أن الإسلام ممارسة وتقليدا سواء في المغرب أو في مالي أو في غينيا هو، كما أكد على ذلك الملك خلال حفل تنصيب الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كايتا "إسلام متشبع بنفس القيم المبنية على الوسطية والاعتدال وبنفس تعاليم التسامح والانفتاح على الآخر كما أنه يظل عماد الوشائج الروحية التي تجمع على الدوام "بين هذه الدول على مر التاريخ" .
وترتكز هذه الممارسة الدينية والروحية على مجموعة من المبادئ التي تقوم على وحدة المذهب المالكي وعلى التصوف المستمد من السيرة النبوية الشريفة وكذا على قيم الوسطية والتسامح والاعتدال والتعايش بين الشعوب والمجتمعات ونبذ كل أنواع الغلو والتكفير والتطرف.
ومن جهة أخرى، تبرهن الطلبات المتزايدة التي تبعثها العديد من البلدان للمغرب من أجل تكوين الأئمة على نجاعة السياسة التي اعتمدها المغرب في مجال تدبير الشأن الديني التي وضع أسسها الكبرى الملك محمد السادس والتي تهم مختلف جوانب الحياة الدينية للأمة سواء من خلال تجديد الأدوار التاريخية للمساجد أو في ميدان حفظ القرآن الكريم وتكوين الأئمة والمرشدين الدينيين أو في مجال تثمين دور المؤذنين والقيمين على المساجد.ووعيا من المملكة المغربية بأن تأهيل الأئمة للقيام بالمهام المنوطة بهم خاصة في مجال نشر قيم التسامح والإخاء والوسطية والاعتدال يمر حتما عبر وضع برنامج ملائم أعدت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية برنامجا حافلا لفائدة الأئمة الماليين الذين شرع بعضهم في التكوين يرتكز بالخصوص على دراسة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف واللغة العربية إلى جانب توسيع معارفهم في المجالات الشرعية الضرورية للإمامة .كما يتضمن هذا البرنامج تقديم دروس في التاريخ والجغرافية والمؤسسات بمالي وتاريخ الإسلام وحقوق الإنسان والصحة العقلية وعلم الفلك وبعض المعارف الخاصة بالمجالات التي لها علاقة مباشرة بحياة السكان.
وعلى مستوى اللوجستيك فإن الأئمة الذين يستفيدون من هذا البرنامج التكويني يتابعون حلقات تكوينهم حاليا بأحد المراكز بالرباط في انتظار استكمال بناء الفضاء الذي يجري تشييده بفاس بتعليمات ملكية سامية والذي سيخصص لتكوين الأئمة ولبرامج مماثلة.
وتنفيذا للتعليمات الملكية الذي أمر بتوفير الشروط المادية والمعنوية الضرورية لتكوين 500 إمام مالي بالمغرب على مدى ست سنوات يستفيد هؤلاء الأئمة من الخدمات الصحية المجانية بمختلف مستشفيات المملكة.
ومن شأن تكوين أئمة بلدان غرب إفريقيا بالمغرب أن يوسع من مجال التعاون مع هذه الدول ليشمل العديد من القطاعات الحيوية والتي لها أهمية كبيرة في حياة الشعوب خاصة في الجانب الروحي.
وتندرج هذه المبادرة الملكية في إطار تعزيز العلاقات التاريخية العريقة ودعم المبادلات الثقافية والروحية التي ميزت على الدوام العلاقة القائمة بين المغرب وهذه البلدان والتي تتقوى بالعديد من الروافد والمكونات من بينها على الخصوص الطريقة التيجانية التي يوجد ضريح مؤسسها سيدي أحمد التيجاني بمدينة فاس.