وقد تم خلال السنوات الأخيرة، بذل مجهودات جبارة توجت، في سنة 2015، بإطلاق صاحب الجلالة الملك محمد السادس لبرنامج التنمية المجالية لإقليم الحسيمة (2015-2019) تحت اسم برنامج "الحسيمة.. منارة المتوسط".
لقد ساهم البرنامج في خلق بنى تحتية طرقية وسياحية متقدمة جدا، وأحياء ومراكز حضرية مهيكلة (التطهير والطرق)، ومراكز رياضية وثقافية وتربوية وصحية، غيرت تماما واجهة مدينة الحسيمة التي تواصل اليوم، مسلسل التنمية بسرعة قصوى. وتكفي زيارة تفقدية للمدينة والإقليم لمعاينة مدى الدينامية التنموية في كل الاتجاهات، والتي لم تدع قطاعا إلا شملته، لا سيما التأهيل الحضري، والصحة، والتعليم، والعقار، والبنية التحتية الطرقية، وتفند تلك الصورة النمطية للمدينة "المنكوبة" التي لطالما روج لها البعض في مواقع التواصل الاجتماعي لخدمة غاياتهم وغايات محرضيهم.
فمدينة الحسيمة، التي أصبحت مدينة عصرية واثقة في مستقبلها بفضل المشاريع الكبرى في طور الإنجاز، تشهد، رغم ذلك، مظاهرات ذات طابعاجتماعية محضة كما هو الشأن في مناطق أخرى من المملكة.
وتمت صياغة برنامج التنمية المجالية لإقليم الحسيمة طبقا للتوجيهات الملكية السامية التي تضمنها الخطاب الملكي الموجه بعد الزلزال الذي ضرب، يوم 24 فبراير 2004، المنطقة الشمالية للمملكة.
ويهدف هذا البرنامج إلى تنمية الوسطين الحضري والقروي بالإقليم، وكذا تقوية المكتسبات والإنجازات المسجلة منذ الخطاب الملكي التاريخي ل25 مارس 2004 بالحسيمة، والمتمثلة في تشييد مراكز استشفائية متخصصة، وبناء مطار الشريف الإدريسي، وتهيئة منطقة صناعية وإنجاز مجموعة من المشاريع الاجتماعية المخصصة أساسا، للشباب والفئات الهشة.
ويقوم هذا المشروع المهم، الذي رصدت له استثمارات بقيمة 6,515 مليار درهم، على مقاربة مجددة من حيث أفقية والتقائية وتناسق التدخلات العمومية، ومقاربة تشاركية، ينخرط فيها مختلف الفاعلين بالإقليم ويتوزع على خمسة محاور أساسية تهم التأهيل الترابي، والنهوض بالمجال الاجتماعي، وحماية البيئة وتدبير المخاطر، وتقوية البنيات التحتية وتنمية الفضاء الثقافي. وحسب الأرقام الرسمية، بلغت قيمة استثمارات الدولة ما مجموعه 25 مليار درهم خلال 12 سنة الأخيرة. ويهم هذا الرقم مجموع برامج التنمية التي أطلقت على مستوى الإقليم بهدف تقوية جاذبيتها وتحسين مستوى عيش سكانها.
وإلى جانب برنامج "الحسيمة.. منارة المتوسط" الطموح، هناك مجموعة من البرامج في طور الإنجاز، أهمها برنامج تقليص الفوارق المجالية الذي رصد له 2 مليار درهم.
وأوضح والي جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، السيد محمد اليعقوبي، أن عدة مبادرات أطلقتها السلطات العمومية لجعل هذه المدينة جذابة وتنافسية، منها على الخصوص تلك المتعلقة ببناء الطريق الساحلية المتوسطية، وتوسعة الميناء والمطار، وبناء ميناء ترفيهي، ومحطة بحرية، والمنطقة الصناعية بآيت قمرة، فضلا عن مواقع للسياحة والإيواء (باديس، سواني، سيدي عابد). وشدد اليعقوبي على أن " المطلوب اليوم، أن ينخرط الجميع (ساكنة ومنتخبين ومصالح خارجية ) للنهوض بهذه الوجهة ، بدل التشهير بها كما فعلت مجموعة من الأشخاص (في إشارة إلى متزعمي المظاهرات) ، الذين يبقى النهوض بالتشغيل في الحسمية آخر ما يشغل بالهم ".
وأشار إلى أن إستثمارات السلطات العمومية تندرج في إطار إستراتيجية مندمجة تهدف في المقام الأول إلى جعل مدينة الحسيمة قاطرة حقيقية لكل المنطقة، مبرزا القيمة المضافة العليا التي يمثلها ميناء "الناظور غرب المتوسط" بالنسبة للإقليم في مجال التشغيل .
وتحتاج مدينة الحسيمة اليوم، التي تتطلع إلى مستقبل واعد، على غرار باقي مناطق المغرب، إلى تكثيف جهود التسويق لجذب مزيد من الإستثمارات.