"عمي عبد السلام".. الجمّال الذي رافق ولي العهد وللاسلمى في جولة بطنجة

Le360

في 03/12/2016 على الساعة 11:30

في كل زيارة لشاطئ أشقار بمدينة طنجة تكون هناك وسيلة ممتعة لمشاهدة لحظات الغروب والتجوال بالشاطئ، وهي الجمل، حتى أنها الوسيلة التي يسأل عنها السائح القادم من أبعد القارات، ويستمتع الجميع بالتقاط الصور التذكارية على الجمل وفى خلفيتها مناظر غابة الرميلات ومغارة هرقل وكاب سبارتيل.

بداية الحكاية

عبد السلام حيبوط أو كما ينادونه "عمي عبد السلام" صاحب جمال قضى فترة ليست بالهينة، يتنقل من خلالها بالسياح وزوار مدينة طنجة لاكتشاف لحظات المتعة بشاطئ اشقار الذي يعد بالنسبة إليه المكان التاريخي والذي يشهد له بالكثير من الذكريات واللحظات الجميلة.

الجمال عمي عبد السلام قضى أزيد من 30 سنة متنقلا بجماله الثمانية بين مغارة هرقل وشاطئ اشقار، الذي يحج إليه صيفا وشتاء العديد من السياح المغاربة والأجانب.

© Copyright : Le360

"كل يوم عندما أغادر المكان أتشوق للحظة العودة إليه في الصباح الباكر، لا استطيع أن أفارق جمالي أبدا، ورثتها عن أجدادي وأنا اعتبرها الآن أمانة وكنزا مهما في حياتي"، يقول عمي عبد السلام البالغ من العمر 79 سنة، والذي يرافقه اليوم ابنه الأصغر هو الآخر ليشتغل في نقل السياح لجولة مثيرة بالشاطئ تستمر ما بين نصف ساعة وساعة من الزمن مقابل مبلغ مالي.

بين الأمس واليوم

تنهد عمي عبد السلام كثيرا حينما سألناه عن ذكريات الماضي وحكايته مع مهنته التي يقتات منها يوميا، ليؤكد أن زمن اليوم ليس بزمن الأمس. قلة السياح الذين يتوافدون الى المنطقة شكلت واقعا آخر ليس لصاحب الجمال فقط وإنما لأشخاص يكسبون قوت يوميهم من السياحة هنا بمنطقة اشقار، بالأمس يقول عمي عبد السلام "كانت شوي البركة وكانوا السياح بزاف وكان مدخولنا اليومي مهم كثيرا..".

© Copyright : Le360

اليوم كما يؤكد عبد السلام حيبوط، الذي يقطن رفقة أسرته بحي بير الشفا، بالكاد نوفر بعضا من المال نتيجة قلة الجولات السياحية التي تجوب المكان. "ما زاد الطين بلة هو إغلاق مغارة هرقل في وجهنا، نحن مع الإصلاحات التي طالت المغارة، غير أن المسؤولين لم يفكروا فينا، مما ساهم في تأزم وضعيتنا الحالية، بعدنا عن المغارة شكل هاجسا كبيرا أثر في مردوديتنا.. ركود الموسم السياحي، بالإضافة إلى عدم توقف عدد من الحافلات التي تقل السياح.. عانينا بسبب ذلك من أوضاع مادية سيئة نتيجة لضعف النشاط السياحي".

هذه المهنة التي ورثها عن أجدادي تقوم على "الرزق اليومي" وليست كالموظفين لهم مرتب ثابت، وبعد أن كنا في ذروة النشاط السياحي نستطيع أن نكسب اليوم اقل من 100 درهم يوميّا أنا وابني، انخفض الدخل بكثير، بل وأحيانًا كثيرة نعود إلى المنزل بدون دخل.

عمي عبد السلام أضاف أنه لا يتمنى يوما أن يتعلم ابنه المهنة ويصبح جمالاً، فلم يأخذ منها سوى آلام الظهر وخشونة الركب، وفى النهاية لا يوجد تأمين صحي ولا معاش. وأوضح عمي عبد السلام أنه يخاف أن يضطر لبيع أحد الجملين يوما بعد أن فقد القدرة على إطعامهما بشكل جيد يوميًّا، حيث يكلف الجمل أكثر من 50 درهما لغذائه اليومي.

ذكرى مع الأمير الصغير

يسترجع عمي عبد السلام أجمل ذكرياته، التي جعلته يعتز كثيرا بمهنته كجمال بشاطئ أشقار، حينما كشف لنا أنه في إحدى الأيام من سنة 2010، والذي وصفه بأنه يوم تاريخي بالنسبة إليه: "غادرت منزلي حوالي الساعة التاسعة والنصف صباحا، واتصل بي صاحب فندق "الميراج" عبد السلام شقور عبر الهاتف مؤكدا لي ضروري حضوري رفقة بعضا من جمالي لم أكن أدري سبب ذلك حتى وصلت لباب الفندق، حيث أكد لي أنني سوف أقوم بجولة بالأمير ولي العهد مولاي الحسن والذي لم يكن سنه يتعدى سبع سنوات، شعرت بفرح شديد ممزوج بخوف في نفس الوقت".

ويضيف عمي عبد السلام: "كانت فرحتي لا توصف حينما أديت التحية للأميرة لالة سلمى زوجة الملك، والتي كان يرافقها الأمير ولي العهد وبجانبها والدة الملك محمد السادس. التقطت أنفاسي قبل أن تهدئ الأميرة من روعي وتطلب مني مساعدتها في ركوب الجمل والقيام بجولة على المسافة الفاصلة بين مقر إقامة الأميرة ومقر تواجد قصر الملك السعودي، اعتقدت في البداية أن لالة سلمى وحدها من ستقوم بالجولة، غير أن ولي العهد الأمير مولاي الحسن اقترب من إحدى جمالي وأشار إلي بمساعدته في الركوب، كان شجاعا وبدا محبا للجمل، كنت خائفا غير أن جمالي كانت في اليوم الموعود في الحقيقة".

© Copyright : Le360

الجمّال عمي عبد السلام أكد أنه قضى زهاء ساعة من الزمن برفقة الأمير ووالدته وأفراد من الأسرة الملكية، وأكد انه بعد انتهاء الجولة أمرت الأميرة بالتقاط صور تؤرخ للذكرى، قبل أن أغادر المكان فرحا مسرورا، وحول ما اذا كانت الأميرة قد سلمته هدية أشار عمي عبد السلام " لالة سلمى تهلات في بزاف بزاف والله يطول عمرها وعمر سيدنا والأسرة الملكية".

من ذكريات عمي عبد السلام أن عدد من الوزراء وعدد من الشخصيات المشهورة عالميا ركبت جماله، ويحتفظ بالعديد من الصور مع عدد منهم، وهو اليوم سعيد جدا بالذكريات التي ما تزال راسخة بذهنه، لأنها حسب قوله "ذكريات مع جمال أحببتها من قلبي بعدما ورثتها عن أبائي وأجدادي".

تحرير من طرف سعيد قدري
في 03/12/2016 على الساعة 11:30