خصصت المساء ملفها الأسبوعي، عن هذه الشخصية التي طبعت التاريخ المغربي، فلم يسلم الجماني من التنكيت الذي لازمه منذ منتصف السبعينيات إلى أن توارى عن الأضواء بسبب المرض الذي داهمه.
نقرأ في هذا الملف، أنه "على امتداد الحقبة الزمنية التي عرف فيها الجماني، لم ينتفض ضد "منتجي" النكت، بل على العكس من ذلك تماما كان يجد متعة في سماعها، لإيمانه بأن مهامه السياسية انتهت باسترجاع المغرب لصحرائه وبالبيعة الكبرى آنذاك".
كما رصدت المساء، زاوية للحديث عن لقاء العقيد الليبي الراحل معمر القذافي بسعيد الجماني، حيث "كان الأخير على رأس محاوري العقيد حول قضية الصحراء، وبعد انتهاء اللقاء، زار الجماني ليبيا، فالتقى بالقذافي بخيمته، فقال له الرئيس الليبي الراحل "أنت من جعل كفة القضية لصالح المغرب".
وتورد المساء، كيف تغيرت صورة خطري من شيخ ورع إلى مصدر للنكت، وتجيب قائلة "إن المتلقي يقبل النكتة حيث تسند لشخصية عمومية، كما أن بساطة الجماني جعلته هدفا لصناع ومصدري النكت، سيما إذا وضعناها في سياقها التاريخي ..إذ كان الوقوف أمام ملك من قيمة الحسن الثاني يقتضي الالتزام بضوابط معينة، فيما كان رجال الصحراء يتصرفون بتلقائية وهي ميزة خطري الجماني، فالمقربون من هذا الرجل يجمعون على أنه لا علاقة بي ما يروى عنه ولوكه الهادئ والحكيم”. تخلص المساء.
سلاح النكتة
لقد وجد المغاربة في شخصيات مثل خطري ولد سعيد الجماني وأرسلان الجديدي فرصة للتخلص من جدلية سخرية ركزت على صراع الفاسي والعروبي، وهو انتقال مرده رغبة منتجي النكت في الانعتاق من الحصار الفكري، ففي كل بلد هناك شخصيات سياسية نافذة تخترقها السخرية وتحولها إلى كائنات تنتج النكت.
وتعكس هذه النكت هروب المحكومين نحو شط النكتة كلما عجزوا عن التعبير عن أفكارهم جهارا، فدائما ما اعتبرت النكتة تنفيسا للاحتقان، أو كما وصفها سيغموند فرويد "محاولة لقمع القمع".
لقد شكل سعيد الجماني "أيقونة" للنكت على مر سنوات، ويعكس تطور النكتة السياسية بين تلك الحقبة وأيامنا هذه، التطور الشمولي الذي شهدته البلاد، فما كان يضحك المغاربة في ذلك الإبان، لن يكون له المفعول نفسه الآن، وإذا استعمل اسم الجماني سابقا لإعطاء شرعية للنكتة، فاليوم أصبحنا نعيش "عولمة" للنكتة، أملاها الانفتاح على ثقافات البلدان الأخرى.