الوزير أوضح، خلال جلسة برلمانية حديثة، أن هذا القانون يستلهم من التشريع الأوروبي المعروف بـ« قانون الخدمات الرقمية » (DSA)، الذي اعتمدته دول الاتحاد الأوروبي لتنظيم المنصات الكبرى، مشدداً على أن الهدف ليس فرض رقابة على حرية التعبير، وإنما ضبط المجال الرقمي وفق ما تقتضيه المصلحة العامة.
مضامين الإطار القانوني المرتقب
يرتكز القانون المزمع إعداده على أربعة محاور أساسية:
1. حماية القيم المجتمعية، خصوصاً الفئات الناشئة، عبر تقنين المضامين الرقمية التي يمكن أن تؤثر سلباً على التربية والوعي الجماعي.
2. إلزام المنصات العالمية، مثل فيسبوك وتيك توك ويوتيوب، بتعيين ممثلين قانونيين في المغرب، والتصريح الضريبي والامتثال للقوانين المحلية.
3. توسيع صلاحيات « الهاكا »، الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، لتشمل مراقبة المحتوى الرقمي والمنصات الاجتماعية، وليس فقط القنوات والإذاعات.
4. وضع ضوابط واضحة للمحتوى المنشور على هذه المنصات، مع تعزيز آليات الرقابة الذاتية التي ينبغي أن تتحملها الشركات المشغلة.
مخاوف من المس بحرية التعبير
ورغم تأكيد بنسعيد على أن النص المنتظر لن يمس بحرية التعبير المكفولة دستورياً، إلا أن أصواتاً برلمانية من المعارضة والهيئات الحقوقية أبدت تخوفها من احتمال استخدام هذا الإطار القانوني كأداة لتقييد الحريات الرقمية والتضييق على الأصوات الناقدة.
وقد أشار بعض النواب إلى أن « النوايا الحسنة لا تكفي »، داعين إلى « نقاش عمومي شفاف » قبل المصادقة على أي تشريع يمس فضاء التعبير الحر.
بين التنظيم والرقابة
تأتي هذه المبادرة الحكومية في سياق تصاعد الجدل حول التأثير المتنامي لمنصات التواصل الاجتماعي على الرأي العام، والدور المتزايد للـ« مؤثرين » في تشكيل المواقف، في ظل فراغ قانوني لا يحدد المسؤوليات ولا يضمن حماية المستهلك الرقمي. ويرى متابعون أن تأخر المغرب في تقنين هذا المجال يضعه أمام تحديات أمنية واجتماعية وإعلامية، تستدعي تحركاً عاجلاً لكن مدروساً.
وبين من يرى في المبادرة خطوة تنظيمية ضرورية لحماية النسيج المجتمعي، ومن يعتبرها محاولة للهيمنة على الفضاء الرقمي وتكميم الأفواه، يظل مستقبل القانون المنتظر رهيناً بمدى التوازن بين متطلبات الأمن الرقمي واحترام الحريات الفردية والعامة. والرهان الأكبر سيكون في ضمان شفافية المشاورات وصياغة نص قانوني عصري، يليق بطموحات المغاربة وتطلعاتهم في عصر مفتوح على العالم.




