أكتوبر الوردي: الكشف المبكر هو السلاح الأساسي لمواجهة سرطان الثدي

الدكتورة أم الغيث بلمليح، أخصائية علاج الأورام والدكتورة صفاء موفق، متخصصة في علاج الأورام بالأشعة

في 12/10/2025 على الساعة 07:00

فيديويكتسي شهر أكتوبر من كل عام اللون الوردي، في مبادرة ترمي إلى التذكير بأهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي. وتشير الأرقام إلى أن واحدة من كل تسع نساء في المغرب ستصاب بهذا المرض سنة 2025، فيما تحذر الأطباء من أن النسبة قد ترتفع إلى واحدة من كل خمس نساء خلال العقدين المقبلين. فكيف يتم إجراء الكشف؟ وما هي عوامل الخطر المرتبطة بهذا المرض؟ وأي تطورات سجلت في أساليب التكفل بسرطان الثدي؟ أسئلة تجيب عنها الطبيبتان أم الغيث بلمليح وصفاء موفق.

أوضحت الدكتورة بلمليح، أخصائية علاج الأورام، في تصريح لـle360 أنه عندما تدخل المرأة إلى أي عيادة طبية لإجراء فحص الكشف عن سرطان الثدي، فإنها تبدأ مسارا دقيقا ومنظما. وتقوم هذه العملية، التي تعد أساسية لاكتشاف المرض في مرحلة مبكرة، على سلسلة من الفحوصات السريرية والشعاعية التي تسمح بتأكيد أو استبعاد التشخيص. الهدف منها هو رصد ما لا تراه العين في الوقت المناسب، وتقديم رعاية مناسبة لكل مريضة وفقا لحالتها، وزيادة فرص الشفاء.

وتابعت: «غالبا ما تراجعنا المرأة لأنها شعرت بوجود عقدة صغيرة في الثدي. ومعظم هذه العقدة تكون حميدة، لكن للتأكد، نلجأ أولا إلى فحص الإيكو-ماموغرافيا».

هذا الفحص يمكن من تصنيف العقدة وفق شبكة معيارية. وبحسب النتيجة، توجه المريضة إما إلى متابعة لاحقة، أو إلى مراقبة بسيطة، أو إلى الخضوع لخزعة. وتوضح الدكتورة بلمليح أن الخزعة المجهرية هي الوسيلة الوحيدة لتحديد التشخيص بدقة، هل العقدة سرطانية أم لا؟

ولا يقتصر الأمر على الفحص الطبي فقط، إذ شددت الطبيبتان على أهمية المراقبة الذاتية. وتشير بلمليح إلى أن على المرأة أن تقوم بجس ثدييها شهريا، بعد خمسة إلى عشرة أيام من بداية الدورة الشهرية، حيث تكون أقل ألما. والهدف هو رصد أي تغير مثل عدم تماثل في الشكل، إفرازات، احمرار، أو ظهور عقدة.

في حال تأكد التشخيص الإيجابي، يبنى العلاج على تحديد دقيق لطبيعة السرطان. فالخزعة، كما أوضحت الطبيبتان، لا تهدف فقط إلى تأكيد وجود المرض، بل أيضا إلى معرفة نوعه، هل هو سرطان هرموني أم لا؟ ويقوم اختصاصي التشريح المرضي بتحليل الخلايا السرطانية، لأن هذه المعلومة حاسمة في وضع الاستراتيجية العلاجية المناسبة.

بعد ذلك يجرى ما يعرف بـ «الفحص لتحديد مدى الانتشار»، وهو خطوة أساسية لتقييم تطور المرض. هذا الفحص يحدد مرحلة السرطان من 1 إلى 4، ويتحقق مما إذا كان قد انتقل إلى أعضاء أخرى مثل الكبد أو العظام أو الرئتين. وأكدت الطبيبتان أن هذه المنهجية، المطابقة للتوصيات الدولية، تضمن رعاية موحدة للمرضى سواء في المغرب أو في باقي دول العالم.

من جهتها، أكدت الدكتورة صفاء موفق، متخصصة في علاج الأورام بالأشعة، أن عدة عناصر ترفع من احتمال الإصابة بسرطان الثدي. وقالت: «العمر عامل أساسي، فمعظم الحالات تسجل بعد سن الخمسين، لكننا نلاحظ أيضا تزايد الإصابات في صفوف الشابات».

وأضافت أن التاريخ العائلي يلعب دورا محوريا: «عندما نسجل عدة إصابات داخل العائلة نفسها، كالأم أو الأخت أو العمة، يصبح الكشف المبكر ضروريا، أحيانا عبر الرنين المغناطيسي للثدي. وهناك أيضا مريضات يحملن طفرات جينية مثل BRCA».

أما العوامل الهرمونية، الداخلية أو الخارجية، فهي بدورها مؤثرة. وقالت موفق بهذا الخصوص: «بلوغ مبكر أو سن يأس متأخر يعني تعرضا أطول للهرمونات الأنثوية. كما يجب الحذر من العلاجات الهرمونية التعويضية وحبوب منع الحمل». ويضاف إلى ذلك قلة النشاط البدني، السمنة، النظام الغذائي غير المتوازن، الضغط النفسي والتلوث.

تطورات في العلاج

وشددت الطبيبتان على أن علاج سرطان الثدي أصبح اليوم متعدد التخصصات، وتنوعت خياراته بشكل واسع. وأوضحتا: «إلى جانب العلاج الكيميائي والعلاج الهرموني، ظهرت العلاجات الموجهة التي تستهدف الشذوذات الجينية أو الخلوية، وكذلك العلاج المناعي الذي يحفز جهاز المناعة لمهاجمة الخلايا السرطانية».

أما العلاج الإشعاعي فما زال يحتل مكانة أساسية، إذ يسمح بالقضاء على الخلايا المجهرية المتبقية في مكان الورم بواسطة أشعة إكس. وتقول موفق: «بفضل التطور التكنولوجي، أصبحت التقنيات الحالية أقل تدخلا، وتجنب الاستئصال الكامل للثدي، ما يمنح المريضات جودة حياة أفضل».

أهمية الكشف المبكر

الرسالة التي تجمع عليها الطبيبتان واضحة: " الكشف المبكر ينقذ الحياة« . فبحسب بلمليح: «سرطان الثدي المكتشف في مرحلة مبكرة يمكن أن تصل نسبة الشفاء فيه إلى ما بين 95% و100%».

وحذرت الطبيبتان معا: «في سنة 2025، واحدة من كل تسع نساء ستصاب بالمرض، وخلال عشرين عاما ستكون النسبة واحدة من كل خمس. لهذا فإن أكتوبر الوردي محطة أساسية للتوعية، فهو يذكر النساء بألا ينتظرن ظهور الأعراض لاستشارة الطبيب. فالكشف يسمح برصد أورام غير مرئية والتدخل قبل فوات الأوان».

ولعل أجمل ما يمكن أن تهديه المرأة لنفسها في هذا الشهر هو خطوة بسيطة لا تستغرق أكثر من نصف ساعة: إجراء الفحص الذي قد ينقذ حياتها.

تحرير من طرف ريم بوصفيحة و عبد الرحيم الطاهيري
في 12/10/2025 على الساعة 07:00