إذ إن دراسة هولنديّة حديثة أظهرت أن حبس البول والإنتظار قبل الدخول إلى الحمام يساهم في تعزيز قدراتكِ في السيطرة على الدوافع التي تواجهينها، الأمر الذي يساعدكِ على اتخاذ القرارات السليمة في أي موقف تتعرّضين له!
هذا الأمر ليس بالجديد تماماً بالنسبة لعلم النفس، إذ سبق وتمّ الإثبات بأنّ الحالات الغرائزيةّ، كالجوع مثلاً، تؤثر في قدرة الفرد على اتخاذ القرارات، على سبيل المثال، لا الحصر، كم من مرّة أفرطت في شراء الأطعمة غير الصحية والدسمة عند دخول السوبرماركت وأنتِ في حالة من الجوع؟ أو وجدتِ نفسكِ تطلبين كميّة أكبر بكثير من المعتاد عند توجّهكِ للمطعم في الحالة نفسها؟
ففي حين أنّ هذه الحالات الغرائزية تؤدي إلى التصرف غير المدروس والمندفع من دون تفكير مسبق، يأتي في المقابل منطق الإنتظار والسيطرة على المثانة لفعل الأمر المعاكس تماماً، والسيطرة على هذه التصرفات في مختلف الحالات التي تجدين نفسكِ في مواجهتها!
لتجربة هذا المبدأ، تمّ تحضير مجموعة من المهام التي تتطلّب اتخاذ بعض القرارات لعدد من الأفراد بعد شرب كميّة لا بأس بها من الماء بهدف تحفيز عملية التبول.
في إحدى المهام مثلاً، طلب من الأشخاص المشاركين في الدراسة تحديد لون الحبر الذي كتبت فيه إحدى الكلمات؛ وفي حين أنّ الأمر يكون سهلاً للغاية في حال كانت الكلمة "أخضر" والحبر باللون الأخضر مثلاً، إلّا أنّ الموضوع ليس بهذه السهولة في حال اختلفت الكلمة عن اللون المستعمل، لذلك، ولإتمام هذه المهمّة، على الأفراد كبح ميلهم التلقائي في قراءة الكلمة وتسمية لون الحبر تيمناً باللون المذكور وليس المستعمل.
في مهمّة أخرى، قام الباحثون بطرح مجموعة من الأسئلة التي ينجم عن إجابتها إمّا تلقي مكافأة فورية ولكن صغيرة، أو مكافأة كبيرة بعد مرور بعض الوقت، كربح 16 يورو في الغد، أو 30 يورو بعد 35 يوماً.
أمّا نتائج هذه المهام، فجاءت لتؤكّد أن كلّ ما ازدادت رغبة الأشخاص بالتبول ودخول المرحاض، كلّما استطاعوا السيطرة على اندفاعاتهم وكبتها، كتحديد لون الحبر في شكل صحيح، والإنتظار لنيل المكافأة الأكبر بعد عدّة أيام.
واللافت في الأمر أنّ الإندفاع عند الأشخاص تحسّن أيضاً عندما قام الباحثون بتحفيز رغبتهم بدخول المرحاض في شكل إضافي من خلال إعطائهم بعض الأحجيات لحلّها، والتي تتضمن كلمات مثل التبول، المرحاض، والمثانة قبل إتمام أي من المهمات المذكورة أعلاه.
وفي حين أنّ الرغبات الغرائزية أثبتت أثرها الكبير على حياتنا اليوميّة، وأحياناً في شكل سلبي، تأتي هذه الدراسة بجرعة دواء معاكسة، تعيد لنا صوابنا وقدرتنا على اتخاذ القرارات السليمة، ولو بطريقة غريبة ومزعجة بعض الشيء!