أحكام سريعة: ضبط ومحاكمة وتنفيذ في اليوم نفسه
يوم الأربعاء 12 يونيو، أصدرت محكمة بئر العاتر حكمًا بالسجن لمدة عامين منها ستة أشهر موقوفة النفاذ وغرامة مالية قدرها 100,000 دينار جزائري بحق فتاة تبلغ من العمر 25 عامًا، وذلك بتهمة تسريب مواضيع امتحان شهادة البكالوريا عبر وسائل الاتصال عن بعد.
ولم يكن هذا الحكم الوحيد في ذلك اليوم. في مستغانم، أدانت المحكمة مترشحة للبكالوريا وقريبتها بتهمة نشر أجوبة الامتحانات عبر الهاتف، حيث تم الحكم على المترشحة بسنة حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 100,000 دينار، وعلى قريبتها بثمانية عشر شهرا حبسا نافذا وغرامة مالية بنفس القيمة. كما صودرت المحجوزات المتعلقة بالقضية.
وفي عين الدفلى، أصدرت المحكمة، أمس الأربعاء، حكما بالسجن لمدة عام وغرامة مالية قدرها 100,000 دينار ضد فتاة قامت بنشر موضوع الفلسفة على وسائل التواصل الاجتماعي. وأمرت المحكمة بإيداعها الحبس فورًا في الجلسة، مع مصادرة المحجوزات وإغلاق حسابها الإلكتروني.
كما شهدت محكمة عمي موسى في غليزان حكما بالسجن لمدة ثمانية عشر شهرًا وغرامة مالية قدرها 100,000 دينار ضد شخص نشر أجوبة امتحان الفلسفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وتم إيداع المتهم الحبس في الجلسة مع مصادرة المحجوزات.
أما في تيزي وزو، فقد أصدرت المحكمة حكمًا بالسجن لمدة عامين وغرامة مالية قدرها 100,000 دينار ضد مترشحة للبكالوريا وشريكتها، بعد ضبطهما باستخدام وسيلة اتصال عن بعد لتسريب أجوبة الامتحانات.
نزاهة أم قمع؟
تباينت ردود الفعل بين مرحب بهذه الإجراءات باعتبارها « خطوة ضرورية لحماية نزاهة الامتحانات »، وبين من يرون أنها تعكس « هستيريا السلطات ومحاولة لقمع الطلاب والمجتمع ». ويرى المنتقدون أن العقوبات « شديدة » و »غير متناسبة مع الجرم المرتكب »، معتبرين أن السلطات « تلجأ إلى هذه الإجراءات كوسيلة لترهيب المجتمع بأسره وليس فقط لمعاقبة المتورطين ».
قطع الإنترنت أيام الامتحانات: إجراء أمني أم عقوبة جماعية؟
اللافت أن هذه الحالات وقعت على الرغم من أن السلطات الجزائرية لجأت، كعادتها كل عام، إلى قطع الانترنيت خلال أيام الامتحانات.
فقد شهدت الجزائر انقطاعا واسع النطاق للإنترنت تزامنا مع أيام امتحانات البكالوريا. هذا الإجراء الذي تبنته السلطات كوسيلة لمنع الغش أثار موجة من الاستياء بين المواطنين، حيث عبر العديد منهم عن غضبهم على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أن قطع الإنترنت هو تدبير عقابي جماعي يضر بالمصالح العامة ويعطل حياة الناس.
تدعي السلطات الجزائرية بأن قرار قطع الإنترنت أثناء الامتحانات هو « إجراء وقائي يهدف إلى منع تسريب الامتحانات وضمان نزاهتها ». ومع تزايد استخدام التكنولوجيا في عمليات الغش، ترى الحكومة أن هذا التدبير ضروري للحفاظ على مصداقية الامتحانات. لكن على الرغم من هذه الإجراءات الصارمة، فقد تم ضبط حالات غش باستخدام التكنولوجيا في بعض المراكز الامتحانية، مما يثير تساؤلات حول فعالية هذا الإجراء.
وزيادة على أن هذا الإجراء لم يمنع من وقوع حالات غش، فإنه لم يساهم إلا في الركود الاقتصادي، بعدما أجبر الكثير من المقاولات على العطالة الإجبارية بسبب قطع خدمة الانترنيت عنها على مدى أربعة أيام. كما أثر هذا الانقطاع على مصالح العديد من المواطنين الذين يعتمدون على الإنترنت في حياتهم اليومية وأعمالهم. ويبدو أن هذا التدبير يؤثر بشكل سلبي على قطاعات أخرى من المجتمع، ويعطل الكثير من الخدمات الحيوية.
إن اللجوء إلى قطع الإنترنت كوسيلة لمنع الغش يثير تساؤلات حول حقوق المواطنين في الحصول على خدمة الإنترنت دون انقطاع، ويطرح تساؤلات حول ما إذا كانت هناك حلول بديلة أكثر فعالية وأقل ضررًا يمكن تبنيها.
ويرى مواطنون جزائريون، من خلال تعليقاتهم عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، أن قطع الإنترنت ليس حلاً مستدامًا، ويجب على السلطات البحث عن طرق مبتكرة وفعالة لمكافحة الغش دون التأثير السلبي على المجتمع ككل.