الاستعراض العسكري الجزائري: إهدار ملايير الدولارات من أجل عرض خردة من الحقبة السوفياتية

الاستعراض العسكري للجيش الجزائري يوم فاتح نونبر 2024

في 01/11/2024 على الساعة 19:15

فيديوفي مشهد أثار موجة واسعة من السخرية على منصات التواصل الاجتماعي، نظّم الجيش الجزائري، يومه الجمعة فاتح نونبر، ما سماه بـ »استعراض عسكري » بمناسبة الذكرى السبعين لـ »ثورة التحرير »، حيث توالت الانتقادات على استعراض معدّات قديمة تعود إلى الحقبة السوفياتية، على رأسها العربة المدرعة « شيلكا » التي يعود تصميمها إلى الستينات. وعلى الرغم من الترويج الرسمي لهذا العرض بوصفه من طرف أبواق النظام بـ »الأضخم في تاريخ البلاد »، إلا أن المواطنين عبّروا عن إحباطهم من مستوى العتاد المعروض، معتبرين أن المشهد لا يليق بتطلعات الجزائر كقوة إقليمية.


تحول حدث الاستعراض العسكري في الجزائر إلى مادة خصبة للتهكم والسخرية على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث وُصفت المعدات المعروضة بـ »الخردة السوفيتية »، وأشار معلقون إلى الفجوة الهائلة بين التطلعات التي حاول النظام تسويقها والواقع الفعلي.

ولعل ما زاد من تبئيس هذا العرض هو الطريقة التي بثه بها التلفزيون الرسمي، حيث بدت المشاهد باهتة جدا، أقرب إلى الأبيض والأسود، في دلالة على أن كاميرات « المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري » أيضا شائخة مثل كافة مسؤولي وقادة النظام العسكري المستولي على الحكم في بلاد القوة الضاربة، ما زاد من حدة التهكم على التلفزيون الجزائري الرسمي الذي عُرف بمساندته المطلقة للنظام المستولي على الحكم.

وأصبحت تعليقات النشطاء بمثابة مرآة ساخرة، تعكس حالة من الاستياء الشعبي والرغبة في تغيير حقيقي على مستوى القيادة والسياسات.

مشاهد الجنرالات المسنين

إحدى اللحظات التي أثارت السخرية هي تلك التي استخدم فيها المذيع الجزائري عبارات مبالغ فيها مثل « أفضل وأقوى وأعتى » لوصف المعدات المعروضة، الأمر الذي اعتبره المتابعون ترويجا خياليا لا يمت للواقع بصلة.

كما سلطت الانتقادات الضوء على مشاهد الجنرالات المسنين الذين ما زالوا يشغلون مواقع القيادة، حيث أدى ظهور القيادات العسكرية المسنة التي تتقلد قيادة الجيش، خلال الاستعراض، إلى تعزيز التساؤلات حول مدى استعداد الجيش الجزائري لضخ دماء جديدة في صفوفه، وجعل الأمر يبدو كأنه استعراض « متحف عسكري » أكثر من كونه عرضا يُعبر عن قوة حديثة.

وعلق أحد المتابعين على هذا الأمر بالقول: « الجيش بحاجة إلى شباب قادر على مواكبة العصر، وليس إلى قادة عجزة تجاوزهم الزمن ».

واعتبر البعض أن ظهور هؤلاء القادة المسنين إلى جانب العتاد القديم، يعكس حالة من الركود وغياب التجديد في صفوف الجيش الجزائري.

استعراض لخردة قديمة

عربة « شيلكا » السوفيتية، التي يعود تصميمها إلى ستينات القرن الماضي، كانت إحدى القطع العسكرية التي أبهرت الجمهور وقتذاك، لكنها اليوم تثير الضحك أكثر من الإعجاب.

يبدو أن النظام العسكري الديكتاتوري لا يستفيد من أخطائه، فقد سبق أن لقي الانتقادات نفسها حين نظم في يوليوز من عام 2022 استعراضا مماثلا، حيث كانت التوقعات تتحدث عن عرض صواريخ حديثة مثل « إسكندر » و »S-400″، لكن العرض جاء مخيبا للآمال آنذاك أيضا، وهو ما جعل النظام يحجم عن تنظيم الاستعراض خلال عام 2023، قبل أن يعود اليوم إلى تكرار الخطأ نفسه.

هذه المعدات القديمة جلبت معها انتقادات لاذعة، خصوصا وأن النظام الجزائري خصص ميزانية ضخمة لهذا الحدث، ورفع الإنفاق العسكري إلى مستوى غير مسبوق في ميزانية السنة المقبلة.

استعراض قديم بميزانية ضخمة

أثار استعراض النظام الجزائري لمعدات عسكرية متقادمة انتقادات لاذعة من المواطنين والنشطاء، الذين تساءلوا عن مصير ميزانية الدفاع الضخمة، والتي أعلنت السلطات رفعها إلى أكثر من 25 مليار دولار لعام 2025.

ورأى الكثيرون في هذا التخصيص الكبير للإنفاق العسكري سوء استغلال للموارد، في ظل غياب معدات حديثة تعكس تحديثا حقيقيا لترسانة الجيش.

وتعالت أصوات تتهم قادة النظام بتحويل ميزانيات الدفاع لتعزيز نفوذهم، بدلا من تطوير العتاد العسكري.

بهرجة عسكرية

في حين يواصل النظام الحاكم استعراض قوته العسكرية، يعيش المواطن الجزائري أزمة اقتصادية خانقة، حيث تزداد طوابير الانتظار للحصول على المواد الأساسية، مثل الحليب والخضر واللحوم والقطاني.

وتنعكس معاناة المواطن في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع فرص العمل، ما يثير التساؤلات حول أولويات النظام، الذي يبدو أكثر اهتماما باستعراض القوة العسكرية من تقديم حلول حقيقية لتحسين ظروف الحياة اليومية.

وهكذا تحول الاستعراض العسكري إلى رمز لسوء إدارة الموارد العامة، وفشل النظام في مواكبة متطلبات العصر. وبينما ينتظر المواطنون إصلاحات جذرية تعود بالنفع على حياتهم، يبدو النظام منشغلا بـ »بروباغندا عسكرية » لا تلامس الواقع، مما يعمق الفجوة بين السلطة والشعب، ويعزز من مطالب الجزائريين بتغيير حقيقي يضع أولوياتهم في الصدارة.

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 01/11/2024 على الساعة 19:15