في جلسة مجلس الوزراء التي ترأسها عبد المجيد تبون يوم الأحد 23 يونيو، تم الإعلان عن تحقيق إنتاج وفير من القمح الصلب في الجزائر هذا الموسم، مما أسهم في توفير 1.2 مليار دولار لخزينة الدولة.
وأوضح بيان لمجلس الوزراء أن الرئيس تبون أمر خلال هذا الاجتماع بـ »تحديد هدف استراتيجي لتوسيع المساحات المزروعة في الجنوب الكبير إلى 500 ألف هكتار، مشدداً على أن الاكتفاء الذاتي التام أصبح قريب المنال، حيث تنتج البلاد حالياً 80% من احتياجاتها من القمح الصلب.
الواقع يكذب التوقعات
في الوقت الذي يدعي الرئيس الجزائري أن حكومته حققت الاكتفاء الذاتي من القمح، يواجه المواطن الجزائري واقعًا مختلفًا، حيث يضطر للوقوف في طوابير طويلة للحصول على رغيف الخبز.
كما تتناقض هذه الادعاءات أيضا مع اضطرار الجزائر إلى استيراد القمح لتلبية الطلب المحلي. ففي مطلع يونيو، أكد متعاملون أوروبيون لوكالة رويترز أن الديوان الجزائري المهني للحبوب اشترى حوالي 900 ألف طن من قمح الطحين بسعر 285 دولاراً للطن خلال مناقصة دولية. وفي الثالث من ماي الماضي، وردت أنباء تفيد بأن الجزائر اشترت ما بين 240 و300 ألف طن من قمح الطحين بسعر حوالي 249 دولارا للطن.
تحليل الوضع الزراعي
توقعت وزارة الزراعة الجزائرية في بداية موسم الحصاد أن يتراوح إنتاج القمح بين 5 و5.5 مليون طن خلال الموسم 2023-2024، مقارنة بـ3.5 مليون طن في الموسم السابق.
وبحسب تحليل حديث لموقع « العرب » حول الإنتاج الزراعي في الجزائر، فإن الجزائر، التي يبلغ تعداد سكانها نحو 45 مليون نسمة، « لا تزال تعتمد بشكل كبير على الاستيراد لتغطية الطلب المحلي الذي يتجاوز سبعة ملايين طن سنويا ».
ونقل الموقع عن خبراء استغرابهم من كون بلد مثل الجزائر، الذي يمتلك مساحات زراعية شاسعة، ويدعي بأنه أكبر منتج للقمح في العالم، يعجز عن زراعة أراضيه بما يكفي احتياجات سكانه.
إقرأ أيضا : رغم دعم العسكر والأحزاب والإعلام.. أزمة المياه في الجزائر تربك ترشح تبون للعهدة الثانية
ويرى المصدر المشار إليه أنه بغض النظر عن الجفاف وتأثيراته على الزراعة، فإن اللجوء إلى المزيد من الاستيراد يعكس محدودية الخيارات الحكومية في ظل التأكيدات المستمرة منذ عام 2019 باستغلال المساحات المهملة لزيادة المحاصيل دون تحقيق تقدم يُذكر.
استراتيجيات فاشلة
تبلغ مساحة الأراضي الزراعية المخصصة للحبوب في الجزائر أكثر من 3.3 مليون هكتار، منها نحو 450 ألف هكتار تعتمد على الري. ولكن الجفاف قلص المساحات المزروعة.
وتجمع الأوساط الزراعية المحلية على ضرورة اعتماد الجزائر، كدولة نفطية، استراتيجية شاملة وواضحة المعالم لسد العجز في إنتاج الحبوب، الذي تفاقم خلال السنوات الأخيرة وزادت من تعقيداته الأزمة في شرق أوروبا.
لطالما كان ملف الحبوب صداعا مزمنا للحكومات الجزائرية المتعاقبة، مع إنتاج محلي لا يسد الطلب وارتفاع فاتورة الاستيراد... فعلى من يكذب تبون اليوم عندما يدعي بأن حكومته حققت الاكتفاء الذاتي من الحبوب، في ظل الجفاف والفشل على شتى الأصعدة؟