رئاسيات الجزائر: تبون يمطر المواطنين بالوعود الكاذبة ويغدق على الجيش بالهدايا

المترشح عبد المجيد تبون خلال آخر تجمع خطابي بالجزائر العاصمة يوم الثلاثاء 3 غشت 2024

في 04/09/2024 على الساعة 12:39

فيديوفي خطابه الختامي قبل الدخول في مرحلة الصمت الانتخابي، أعاد عبد المجيد تبون، المترشح الحر لرئاسيات 7 شتنبر، سرد خطابه المكرر أمام « جيش » من الأنصار لا يتوقف عن الصياح والهتاف باسم « عمي تبون » بمناسبة أو بدونها. وحاول تبون تصوير نفسه كمنقذ الجزائر، متعهدا بمواصلة « سياسة الريع » لفائدة الطلبة والعاطلين وربات البيوت والمرضى.. ولم ينس هذه المرة أن يغدق بالكثير من الهدايا على الجيش، الذي وصفه بأنه « العمود الفقري » للوطن، حيث التزم بتقويته وتمكينه من العصرنة الشاملة.

قال المترشح الحر للانتخابات الرئاسية، عبد المجيد تبون، إن ما عاشته الجزائر سنة 2019 لن يتكرر (في إشارة إلى الحراك الشعبي المنتفض ضد السياسات الفاشلة لحكم العسكر) مؤكدا أن الوضع تغير عما كان في السابق.

وأوضح تبون في خطابه الختامي الذي نشّطه أمس الثلاثاء بالقاعة البيضاوية بالعاصمة الجزائر، أن « الوضع تغير عن ما كنا نعيشه في 2019 وما كنا نعيشه لن يتكرر ».


لكن ماذا يقصد تبون بالوضع الذي « تغير »؟ هل تغير إلى الأفضل أم إلى الأسوء؟

من وجهة نظر المواطن العادي، يبدو أن الوضع في الجزائر لم يتحسن بل ازداد سوءا. ففي عهدة تبون، ازدادت الأزمات الاقتصادية، حيث يعاني المواطنون من طوابير طويلة للحصول على مواد أساسية مثل الماء والزيت والحليب، إضافة إلى ارتفاع معدل التضخم وتدهور قيمة الدينار، مما أثر بشكل كبير على قدرتهم الشرائية. هذه الأزمات الحياتية اليومية لا يمكن تجاهلها، ورغم ذلك، حاول تبون التملص منها باللجوء إلى نظرية المؤامرة، مدعيا وجود « عصابة متعاونة مع العدو » في محاولة لتبرير الفشل الحكومي.

يريد بذلك إقناع الجزائريين بأنه أنقذهم من بين فكي هذه « العصابة » المتعاونة مع العدو، وإيهامهم بأنه سيأخذهم –إن فاز بالعهدة الثانية- نحو « جزائر منتصرة ».

أزمة الطوابير والاكتفاء الذاتي

وحول أزمة الطوابير التي أضرت بسمعة الجزائر كدولة غنية بالنفط والغاز، حاول تبون « تغطية الشمس بالغربال » بالقول إن « الجزائر بلد الخيرات والثروات والشباب، ولسنا بلدا يقوم بتجويع شعبه ليتبعه »، مدعيا أنه أعاد « كرامة المواطن وأعطى لكل ذي حق حقه »، وأشار إلى تقديم منحة البطالة كمثال على ذلك، لكنه لم يتردد في استخدام شعارات مبهمة وتضليلية، مثل الزعم بأن الجزائر « الدولة الوحيدة بعد أوروبا الشرقية التي تقدم منحة البطالة ».

وتابع تبون بتقديم وعود كبيرة تتعلق برفع الإنتاج الوطني، زيادة الدخل القومي إلى 400 مليار دولار، وخلق 450 ألف منصب شغل، ورفع عدد المشاريع الاستثمارية إلى 20 ألف مشروع. وهي وعود تبدو غير واقعية في ظل الأوضاع الحالية، كما أن وعوده بزيادة الأجور ورفع منحة البطالة لم تكن كافية لتغطية الأزمات الاقتصادية العميقة التي يعاني منها المواطنون.

وفي الشأن الفلاحي، أكد تبون أنه منح للفلاحين كل ما يحتاجونه لعدم استيراد « ولو غرام واحد » من القمح الصلب والشعير والذرة، وهذا من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، بيد أنه يبقى مجرد كلام انتخابي يفتقر إلى المصداقية في ضوء الاعتماد الكبير على استيراد المواد الأساسية.

تبون وكابوس المياه

فيما يخص أزمة المياه التي تؤرق الجزائريين، تعهد تبون بحل ما وصفه بـ« الكابوس » عبر إنشاء محطات لتحلية مياه البحر، حيث قال في هذا الجانب: « العاصمة ستتخلص من كابوس الماء، وذلك بإنجاز 5 محطات لتحلية مياه البحر، كما سنضمن التزويد بالماء في كل ربوع الوطن ».

وما زال تبون، الذي يبدو أنه يعاني من فرط الأنا، مصرا على ترديد عبارة « الجزائر هي الوحيدة في العالم » التي لجأت إلى تحلية مياه البحر وربط السدود ببعضها لحل أزمة نقص المياه، في تجاهل واضح لتجارب ناجحة في دول الجوار، مثل المغرب، الذي تمكن من حل مشكلة نقص المياه في مدنه الكبرى عبر مشاريع مماثلة منذ زمن.

#صور التجمع الجماهيري الباهر الذي أشرف عليه اليوم المترشح الحر السيد عبد المجيد تبون بالقاعة البيضاوية بالعاصمة.

Publiée par ‎المديرية العامة للحملة الإنتخابية للمترشح الحر عبد المجيد تبون ‎ sur Mardi 3 septembre 2024

هدايا ثمينة للجيش

وفي ختام كلمته أمام أنصاره، الذين غطى صياحهم المتواصل على حديثه، أشاد تبون بالجيش الوطني الشعبي (ولي نعمته)، واصفا إياه بأنه عماد القوة الوطنية، والتزم بتقويته لمواجهة ما سماه بـ »التهديدات الخارجية » التي تتربص بالجزائر، لافتا إلى أنه « خطى خطوات عملاقة في العصرنة تجاوزت بعض التنظيمات الأوروبية. »

ولم يكتفِ بذلك، فقد أخذته الحماسة كالعادة ليعلن نيته مراجعة هيكلة مجلس الأمن والجامعة العربية، في خطوة تعكس طموحاته المتزايدة نحو التأثير على الساحة الإقليمية والدولية.

تبون الذي يحاول الظهور كرجل دولة حاسم، لا يزال يعتمد على نفس الخطاب التقليدي الذي يخفي وراءه واقعا صعبا. ويبقى التساؤل قائماً حول مدى قابلية هاته « الوعود » للتحقيق، وهل ستساهم في تحسين الواقع المعيشي للمواطنين، خاصة في ظل الواقع المزري الذي ترزح فيه البلاد نتيجة تدخل العسكر في الحياة السياسية والاقتصادية.

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 04/09/2024 على الساعة 12:39