تبدو المفارقة صارخة بين خطابات تبون الرنانة والواقع المرير الذي يعيشه الجزائريون يومياً. ففي حين يعمد الرئيس المنتهية ولايته إلى ترويج إنجازاته المزعومة في مختلف المجالات، تتفاقم معاناة المواطنين تحت وطأة الحر والعطش، مما يجعل وعوده الانتخابية تبدو مجرد سراب لا يسمن ولا يغني من جوع.
وعود تبون المتبخرة
لم يمض سوى يومان على الخطبة العصماء التي ألقاها « المترشح الحر » تبون من قسطنينة، والتي ادعى خلالها، من بين هرطقات كثيرة، يدعي فيها أنه قد نجح في حل أزمة المياه بفضل مشاريع تحلية مياه البحر، وجد سكان عدة ولايات بينها العاصمة الجزائرية أنفسهم محاصرين بأزمة مائية تتفاقم يومًا بعد يوم.
فقد أعلنت شركة المياه والتطهير للجزائر « سيال »، اليوم الأربعاء 21 غشت، عن « تذبذب حاد » في خدمة التوزيع سيتسبب في انقطاع مياه الشرب لمدة ثلاثة أيام عن ولايتي الجزائر وتيبازة.
ومع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، تضاعف الانقطاعات المتكررة لمياه الشرب من معاناة المواطنين، الذين يرون في هذه الأزمة انعكاساً حقيقياً لفشل الحكومة في إدارة الموارد الحيوية.
غضب شعبي متزايد
مباشرة بعد بث هذا الإبلاغ عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اشتعل غضب الجزائريين الذين ضاقوا ذرعًا بهذه الانقطاعات التي لا تنتهي.
وكتب مواطنون تعليقات غاضبة ومستنكرة على منصات التواصل الاجتماعي، تعبر عن مدى السخط والإحباط من الوضع الراهن.
صراع يومي بحثا عن قطرة ماء
في ظل الانقطاعات المستمرة، يضطر الجزائريون إلى البحث عن بدائل غير آمنة للحصول على المياه، وهو ما يزيد من عبء الحياة اليومية في ظل ظروف اقتصادية صعبة.
إقرأ أيضا : بسبب انقطاع مياه الشرب.. المواطن الجزائري بين مطرقة العطش وسندان التسمم
فبينما يضطر البعض إلى شراء مياه مجهولة المصدر بأسعار مرتفعة من صهاريج متنقلة غير صحية، يلجأ آخرون إلى البحث عن آبار عشوائية للحصول على كمية قليلة من المياه تكفي لسد حاجاتهم الأساسية.
هذا الواقع المزري يعكس مدى عمق الأزمة ويضع النظام أمام مسؤولياته في إيجاد حلول دائمة وفعالة.
أزمة ممتدة وآفاق غامضة
لم تقتصر أزمة المياه على العاصمة فقط، بل امتدت لتشمل العديد من المناطق الأخرى، بما في ذلك الشريط الساحلي والمناطق الداخلية التي تشهد نفس المشكلات.
في الغرب الجزائري، على سبيل المثال، تعاني مدن كبيرة مثل وهران من انقطاع المياه لأسابيع، مما أدى إلى احتجاجات واسعة في مناطق مثل تيارت.
ومع استمرار هذه الأزمة، يتضح أن المشكلة ليست مجرد عطل تقني عابر، بل هي مشكلة هيكلية تعكس الفجوة الكبيرة بين وعود الرئيس عبد المجيد تبون والواقع. وبينما تستمر هذه الأزمة في تعميق معاناة المواطنين، يبقى السؤال قائماً: إلى متى ستستمر هذه المعاناة؟ وهل سيتمكن النظام المنشغل بإحماء الحملة الانتخابية لمرشحه من إيجاد حل جذري يضع حداً لهذه الأزمة التي تؤرق حياة الجزائريين يوميًا؟