بالنظر إلى الوعود الأخيرة التي أطلقها تبون بعد إعادة انتخابه في المرادية، توقع الجميع أن يقوم بتشكيل حكومة جديدة لإدارة ولايته الثانية بشكل أفضل.
في مقابلة أجراها مع وسيلتي إعلام محليتين يوم 4 أكتوبر الماضي، أعلن تبون بنفسه أنه سيعين حكومة جديدة تتضمن « أفضل الكفاءات » و »الأطر العليا ذات الخبرة ». وباعترافه بأن ولايته الأولى شهدت أزمات ونقصا بسبب ضعف أداء الحكومات السابقة، فإنه أعاد في النهاية تعيين معظم الوزراء الذين عملوا معه في ولايته الأولى.
وأظهر تبون تجاهلا للأحزاب السياسية التي دعمت حملته الانتخابية، حيث لم يتم استشارتها أو منحها أي مناصب، وخاصة حزب عبد القادر بن قرينة، الذي قدم تبون كمرشحه الخاص. لكن في الجزائر، يبقى دعم الأحزاب السياسية أقل وزنا مقارنة بالدعم الحاسم من طرف جنرالات الجيش.
هدية لشنقريحة
من المنطقي أن تكون « هدية ما بعد الانتخابات » قد مُنحت إلى سعيد شنقريحة، تكريما لدوره في إبقاء تبون في السلطة خلال ولايته الأولى، بعد أن كان الفريق أحمد قايد صالح هو من أوصله للرئاسة. كما ساهم شنقريحة في تأمين عهدة ثانية لتبون.
شنقريحة، الرجل القوي في الجيش، حصل على منصب سياسي بارز كوزير منتدب لدى وزير الدفاع، وهو منصب شكلي يشغله الرئيس على الورق فقط منذ 1990، لكنه يمثل نقطة صراع مستمر بين الرئاسة والقيادة العسكرية.
السياق التاريخي لمنصب وزير الدفاع
منذ الاستقلال، شغل منصب وزير الدفاع اثنان فقط من العسكريين دون أن يكونا رئيسين للدولة: العقيد هواري بومدين (1962-1965) الذي احتفظ بالمنصب حتى وفاته كرئيس، والجنرال خالد نزار (1990-1993) الذي قاد انقلابا على الرئيس الشاذلي بن جديد.
خلال فترة حكم بوتفليقة (1999-2019)، حاول تقليص هيمنة الجنرالات على وزارة الدفاع، لكنه اضطر إلى التنازل وإنشاء منصب الوزير المنتدب للدفاع. تولى هذا المنصب عبد المالك قنايزية، الجنرال المتقاعد والسفير السابق، الذي شغله من 2005 إلى 2013.
في ظل مرض بوتفليقة، سيطر الفريق قايد صالح على المشهد، وحصل على منصب نائب وزير الدفاع بين 2013 و2019، ليصبح الرجل الأقوى في الجزائر حتى وفاته في دجنبر 2019.
صعود شنقريحة إلى القمة
خلال ولاية تبون الأولى، كان شنقريحة هو صاحب النفوذ الفعلي في وزارة الدفاع، خصوصا داخل أجهزة الاستخبارات. فقد قام بإقالة وسجن عشرات الجنرالات والضباط الكبار دون أن يجرؤ تبون على التدخل.
مع تعديل الحكومة، أصبح شنقريحة يتمتع بصلاحيات قانونية موسعة كوزير منتدب، تمكنه من اتخاذ قرارات سياسية مباشرة. عند إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، وُضع اسمه في المرتبة الثانية بعد رئيس الوزراء، متقدما على وزراء الدولة الآخرين.
التداعيات المستقبلية
من المتوقع أن يستخدم شنقريحة سلطاته الجديدة لإجراء تغييرات كبيرة داخل الجيش، بما في ذلك تعيين ضباط موالين له. كما يُرجح استبعاد جنرالات بارزين مثل قائد الحرس الجمهوري، بن علي بن علي، وقائد القوات البرية، عمار عثامنية.
بميزانية تتجاوز 25 مليار دولار، سيعزز شنقريحة ولاء كبار الجنرالات عبر صفقات مربحة، مما يجعل الجيش يهيمن بشكل كامل على السياسة والاقتصاد الجزائريين.