النظام الجزائري يستغل عائلة كمال داوود لتصفية حساباته الفكرية

وسيلة داوود وفي الخلفية شقيقها كمال داوود

في 21/12/2024 على الساعة 07:00

فيديويواصل النظام الجزائري تحرشاته اليائسة بالكاتب الفرنسي الجزائري كمال داوود، حيث لا يدخر جهدا في أن ينغّص عليه فرحة تتويجه بجائزة غونكور الفرنسية المرموقة. فبعد اتهامه بالسطو على قصة سعادة عربان، بلغت وقاحة سدنة النظام هذه المرة درجة زرع الفتنة بين الكاتب المقيم في فرنسا وعائلته في الجزائر، حيث دفعوا بأخته الصغرى لتظهر في الإعلام الجزائري لمهاجمة شقيقها والتبرؤ مما يكتبه.


في خرجة أثارت الكثير من الجدل، ظهرت وسيلة داود في لقاء تلفزيوني على قناة جزائرية، لتوجه انتقادات لاذعة لشقيقها كمال، متهمة إياه بالإساءة إلى سمعة العائلة والمجتمع الجزائري. ولم تكتف وسيلة بمهاجمة كمال داود على المستوى الشخصي، بل نفت أيضا روايته عن طفولته الصعبة وظروف نشأته، مدعية أن عائلتهم كانت ميسورة الحال ومثقفة، وأن تصريحات شقيقها هي «مغالطات» تهدف إلى الترويج لصورة نمطية عن الجزائر أمام الجمهور الفرنسي.

إقحام العائلة في الحرب

وجهت وسيلة داوود انتقادات حادة لأخيها متهمة إياه بـ »تشويه صورة الجزائر والعائلة »، حيث اعتبرت كتاباته « محاولة منه لتسويق مغالطات تخدم كليشيهات غربية عن المجتمع الجزائري ».

وبدت شقيقة داوود، التي كانت ترتدي الحجاب وتتكلم بطلاقة كبيرة، متماهية جدا مع الحملة الشرسة التي يشنها الإعلام الجزائري ضد أخيها منذ تتويجه بجائزة غونكور، حيث لم تدخر هي الأخرى جهدا في الإدلاء بدلوها في حملة التشويه المتواصلة. فقد كشفت عن « القطيعة العائلية » التي تسبب بها كمال، مشيرة إلى أنه « نسي عائلته ولم يلتزم بوصية والده الذي كان يوصيه برعاية الأسرة ». وإمعانا في إيذاء شقيقها أردفت أن والدته المريضة، كانت ستعيش صدمة كبيرة بسبب مواقفه وتصريحاته لو كانت واعية لما يجري، حيث إنها مصابة حاليا بالزهايمر.

وأنكرت وسيلة الاتهامات التي وجهها كمال لعائلته، من قبيل الفقر وديكتاتورية الأب، مؤكدة أن الأسرة كانت « ميسورة الحال ومتشبعة بالوطنية ».

كما وصفت شقيقها بأنه « مختطف فكريا »، وحملت تصريحاته مسؤولية الإساءة إلى سمعة والدهم، الذي كان دركيا، وإلى العائلة التي بات يُنظر إليها بازدراء بسبب مواقفه.

ردود فعل متباينة

الخروج الإعلامي لشقيقة كمال داوود لم ينجح في تحقيق الإجماع، حيث اعتبر مراقبون أن هذه التصريحات جزء من استراتيجية ممنهجة للنظام الجزائري لإسكات الأصوات المعارضة عبر استغلال الروابط الأسرية. ووصف الكثير من الجزائريين ظهورها الإعلامي بأنه وسيلة غير أخلاقية للضغط على الكاتب بدل مواجهة أفكاره بالحجج.

وعلق مواطن جزائري في صفحة القناة التي بثت المقابلة، معاتبا إياها على « إقحام الجمهور في خلاف عائلي يفترض أن يبقى شخصيا دون الزج بأفراد عائلته في هذا المستنقع ». وأضاف قائلا: « كل شاة تعلق من عرقوبها، المعني هو كمال داوود وليس عائلته ».

وتساءل معلق آخر قائلا: « ما علاقة العائلة بعمل أدبي يمثل صاحبه فقط؟ ». فيما ألقى آخر باللوم كله على النظام الذي يواجه معارضيه بهذا الأسلوب، حيث قال إن « مواجهة أصحاب الأقلام وأصحاب الفكر تكون بالقلم والفكر. أما المحاصرة بهذه الطريقة فتجعل من كمال داود في نقطة اللاعودة وهذا خطأ، ينبغي العمل على استرجاع كمال داود وليس إرغامه على الابتعاد ».

وفي هذا السياق، كتب الصحفي الجزائري محمد علواش قائلا « إن تصريحات وسيلة داوود قضية عائلية لا جديد فيها، لأن الخلافات الأيديولوجية والسياسية داخل العائلات أمر طبيعي ». لكنه انتقد محاولة الإعلام الجزائري تصوير نفسه كإعلام « حر ومستقل » على خلفية إتاحته الفرصة لشقيقة داود من أجل التعبير عن موقفها، مشيرا إلى ما وصفه بـ »بهتان إعلامي » لتلميع الصورة بطريقة لا تعكس الواقع.

محاولة لإسكات داوود

لم تكن هذه المرة الأولى التي يجد فيها كمال داوود نفسه هدفا للهجوم من طرف سدنة النظام المتورطين في جرائم العشرية السوداء. ففي وقت سابق، اتُهم الكاتب بالسطو على قصة حقيقية لناجية من مجزرة خلال العشرية السوداء في الجزائر، واستخدامها في روايته « حوريات » التي نال بها جائزة غوكور، حيث دفع النظام عبر أذرعه الإعلامية والحقوقية بالناجية سعادة عربان لكي تقاضيه بتهمة « إفشاء » تفاصيل حياتها، وهو ما نفاه الكاتب بالمطلق.

ويعكس هذا التصعيد ضد كمال داود طبيعة النظام الجزائري في التعامل مع المثقفين والكتاب الذين يخرجون عن خطابه الرسمي. فمن التشكيك في مصداقية إبداعاته إلى استغلال العائلة، تبدو المحاولات يائسة لتشويه صورة الكاتب الذي أصبح رمزا للمثقف الحر الذي يواجه قضايا مجتمعه بشجاعة، مهما كانت التبعات.. فهل ستنجح هذه المحاولات في إسكات كمال داود؟ أم أنها ستعزز صورته كصوت حر لا ينحني أمام حملات التشويه؟

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 21/12/2024 على الساعة 07:00