يوم 2 أكتوبر الأخير، منح المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية صفة لاجئ سياسي في فرنسا للناشط السياسي والإعلامي الجزائري الشهير أمير بوخرص، الملقب بأمير دي زاد، الذي تطالب الطغمة العسكرية الجزائرية برأسه منذ عدة سنوات، والذي كان موضوع ما لا يقل عن 9 طلبات تسليم، مصحوبة بإدانات متعددة من قبل العدالة الجزائرية، بما في ذلك حكم الإعدام الذي صدر في حقه. وقد تم نشر هذه المعلومة من خلال الموقع الإلكتروني أفريكان أنتيليجونس (Africaintelligence) في مقال نشر يوم 3 نونبر 2023.
إن وضعية اللاجئ السياسي هاته التي سيستفيد منها المدون الجزائري الآن، والتي تم إخطاره بها في 22 أكتوبر الماضي، تشكل ضربة قوية جديدة للنظام الجزائري، بعد الضربة التي وجهها له النظام القضائي الفرنسي، في 21 شتنبر 2022، عندما رفضت محكمة الاستئناف في باريس بشكل نهائي جميع طلبات التسليم المقدمة ضد أمير بوخرص. وتقدم الأخير بطلب للحصول على وضع لاجئ سياسي منذ عام 2020، لكنه وضع تحت المراقبة القضائية، في أعقاب السيل الكبير من طلبات التسليم التي تستهدفه من قبل الجزائر والضغط الذي مارسه نظام الجزائر على باريس.
وفي نهاية المطاف، اعتبرت المحكمة الباريسية الاتهامات الموجهة ضد أمير دي زاد واهية، لأنها اتهامات لا تستند على ذلك، بل اتهامات مضحكة. ويتعلق الأمر، من بين أمور أخرى، بـ »الانتماء إلى جماعة إرهابية بهدف نشر الرعب بين السكان »، و »الانتماء إلى جماعة وتنظيمات إرهابية تخريبية تهدف إلى الإضرار بمصالح الجزائر »، و »تحريض المواطنين على حمل السلاح ضد سلطات الدولة » و »الإشادة بالأعمال الإرهابية ».
علاوة على ذلك، فإن جميع المعارضين السياسيين الجزائريين المنفيين في أوروبا، بمن فيهم الصحفيون هشام عبود وعبدو السمار وأنور مالك، يلاحقهم النظام الجزائري، كما يلاحق النشطاء الإسلاميين والسلميين في حركة رشاد، ناهيك عن نشطاء حركة الماك التي تطالب باستقلال منطقة القبائل، وجميعهم محكوم عليهم بالإعدام غيابياً من قبل العدالة الجزائرية وصادرة بحقهم مذكرات اعتقال دولية.
وللتخفيف من وقع هذه الصدمة الجديدة للطغمة العسكرية الجزائرية، أرسلت السلطات الفرنسية عدة إشارات تهدئة تجاه الجزائر. بداية، استقبل الرئيس عبد المجيد تبون، السفير الفرنسي بالجزائر، ستيفان روماتي، يوم 18 أكتوبر، حيث سلم له رسالة مكتوبة من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون. ربما أشير فيها إلى الوضع الجديد لأمير دي زاد. كما استقبل الرئيس تبون، أمس الأحد 5 نونبر، وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان للتطرق مرة أخرى إلى مشكلة المهاجرين الجزائريين غير النظاميين في فرنسا، لكن من الصعب ألا نرى في هذه الزيارة محاولة لتقديم توضيحات بخصوص الوضع الجديد لأمير دي زاد.
تدرك الحكومة الفرنسية جيدا ما يمثله أمير دي زاد بالنسبة للنظام الجزائري. فهو العدو رقم واحد للنظام. إن الفيديوهات التي يقدمها على شبكات التواصل الاجتماعي تحظى بمتابعة أكبر من وسائل الإعلام العمومية الجزائرية. يوم 26 غشت 2022، عندما ترأس الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون اجتماعا بالجزائر بحضور، عن الجانب الجزائري، قائد الجيش سعيد شنقريحة ورئيس المخابرات الخارجية جبار مهنا، وعن الجانب الفرنسي، وزير القوات المسلحة سيباستيان لو كورنو ورئيس أركان القوات المسلحة الجنرال تييري بوركهارد والمدير العام للأمن الخارجي برنار إيميي، تمت إثارة مسألة المعارضين الجزائريين الذين ينشطون على شبكات التواصل الاجتماعي انطلاقا من فرنسا.
الشخص الذي تطالب الطغمة العسكرية برأسه بأي ثمن هو أمير دي زاد. إن النظام الجزائري، الذي يحصد سلسلة لامتناهية من الإخفاقات والنكسات، بدأ يخفف من غلوائه ويبدو أنه أدرك الآن أن ردود الفعل الهستيرية ليست وسيلة ضغط في العلاقات الثنائية بين الدول. ومع ذلك، فإن الضربة هذه المرة كانت قاسية جدا. فبعد نجاحه في تسلم اثنين من المعارضين الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي، محمد عبد الله ومحمد بن حليمة، من إسبانيا، قام النظام في الجزائر بعرضهما بطريقة مهنية في مطار عسكري في محاولة لإرهاب كل الأصوات المستقلة. وظلت الأبواق التابعة للطغمة العسكرية تكرر دائما أن الشخص التالي في القائمة هو أمير دي زاد. سيجد النظام الجزائري صعوبة في قبول حقيقة أنه من المستحيل الآن إذلال أمير دي زاد على مطار جزائري.