قضية أمير دي زاد: القضاء الفرنسي يصدر مذكرة توقيف دولية بحق «دبلوماسي» جزائري رفيع

Amir Boukhors, alias Amir DZ, célèbre youtubeur et opposant algérien réfugié en France.

أمير بوخرص، المعروف باسم أمير دي زاد

في 09/08/2025 على الساعة 16:30

أصدر القضاء الفرنسي مذكرة توقيف دولية بحق السكرتير الأول السابق للسفارة الجزائرية في باريس، صلاح الدين سلوم، المتهم بالمشاركة في اختطاف المعارض أمير دي زاد على الأراضي الفرنسية. هذه القضية تكشف عن الأساليب المافياوية للنظام الجزائري، والذي لا يعرف قمعه حدودا، ويدفع الأزمة الفرنسية-الجزائرية إلى مستوى جديد من التوتر.

أخذت الأزمة الفرنسية-الجزائرية منعطفا جديدا من التصعيد. فقد أصدر قاض فرنسي مذكرة توقيف دولية بحق صلاح الدين سلوم، السكرتير الأول السابق للسفارة الجزائرية في باريس، لانتمائه لـ«عصابة إجرامية إرهابية» بهدف التحضير لجريمة أو أكثر. وتكشف هذه القضية الخطِرة عن الممارسات الغامضة والوحشية لأجهزة المخابرات الجزائرية الناشطة فوق الأراضي الفرنسية.

صدرت المذكرة يوم 25 يوليوز الماضي، ولكن لم تنشر إلا يوم السبت 9 غشت في صحيفة لوموند. نحن على أعتاب فصل غير مسبوق من الصراع المفتوح بين فرنسا والجزائر، والذي أطلقه الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه. فأمام استخفاف النظام الجزائري بباريس في قضايا الهجرة والأمن، دعا الرئيس الفرنسي، في رسالة موجهة إلى الوزير الأول ونشرتها صحيفة لو فيغارو يوم الأربعاء 6 غشت، إلى «قرارات إضافية» و«إجراءات أكثر حزما» تجاه الحكومة الجزائرية. وتشمل هذه الإجراءات التعليق الرسمي لاتفاقية الإعفاء من التأشيرة لعام 2013 لجوازات السفر الرسمية والدبلوماسية، والتفعيل «الفوري» لآلية تأشيرة إعادة القبول، التي تسمح برفض منح تأشيرات الإقامة القصيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والرسمية. والأكثر من ذلك، أن هذا الإجراء ينطبق أيضا على تأشيرات الإقامة الطويلة لجميع أنواع المتقدمين». وينضاف إلى ذلك دعوة برونو ريتايو إلى تحسيس زملائه الأوروبيين لمنع الجزائريين المستهدفين بالإجراءات الجديدة من الالتفاف عليها عبر دول شينغن. وردت الدبلوماسية الجزائرية على هذه القرارات ببيان صحفي طويل وممل... وبإنهاء الامتيازات العقارية للسفارة الفرنسية في الجزائر.

تندرج مذكرة التوقيف في سياق منطق الحزم الفرنسي نفسه الذي أقر على أعلى مستويات الدولة الفرنسية والذي لا تزال السلطات الجزائرية تتلعثم في مواجهته. ونقلا عن مصدر دبلوماسي في باريس، أكدت صحيفة لوموند أن صلاح الدين سلوم متورط بشكل مباشر في اختطاف أمير بوخرص، المعروف باسم أمير دي زاد، وهو يوتيوبر جزائري شهير ومعارض لجأ إلى فرنسا في أبريل 2024. واشتهر أمير دي زاد بكشفه وفضحه للفساد المستشري في دواليب الدولة وتعسف القادة الجزائريين.

بدأت القصة يوم 29 أبريل 2024، بالقرب من منزل أمير دي زاد في فال دو مارن، عندما اعترضه أربعة رجال بملابس مدنية، اثنان منهم كانا يرتديان شارات شرطة برتقالية. قيد أمير دي زاد بالأصفاد وحمل في سيارة رونو كليو سوداء مزودة بصفارات الإنذار. اتضح أن «تفتيش الشرطة» هو بكل بساطة عملية اختطاف دبرها محترفون، حيث أخبر أحدهم الضحية أن «مسؤولا جزائريا» يريد رؤيته. مخدرات، واحتجاز في مبنى جاهز، واستنطاقات. قضى المعارض 27 ساعة في قبضة خاطفيه، قبل أن يلقى به في إحدى الغابات. لم يظهر قط «المسؤول» الغامض.

اتخذ التحقيق منعطفا في فبراير 2025 عندما أثبتت الفرقة الجنائية والمديرية العامة للأمن الداخلي أن الصفة الدبلوماسية لسلوم لم تكن سوى غطاء لأنشطته الحقيقية: أنشطته كعميل لأجهزة الأمن الخارجي الجزائرية. تظهر سجلات الهاتف تواجده المتكرر بالقرب من الأماكن التي يرتادها أمير دي زاد في الأسابيع التي سبقت الاختطاف، وهو ما يؤكد أنه كان مكلفا بترصد وتعقب أمير دي زاد. أثبت المحققون أنه كان على اتصال دائم أثناء الاختطاف بأعضاء من الكوماندوز، بمن فيهم عميل من القنصلية الجزائرية في كريتاي، اعتقلته الشرطة الفرنسية في 8 أبريل 2025. وقد غادر سلوم فرنسا يوم فاتح ماي 2024، وهو اليوم نفسه الذي أُطلق فيه سراح أمير دي زاد.

تبون متورط بشكل مباشر

بإصدار مذكرة التوقيف الدولية هذه، ونشرها على نطاق واسع، يربط القضاء الفرنسي الأقوال بالأفعال، معلنا نهاية الهزل. لن تستفيد العمليات السرية وغير القانونية للنظام الجزائري بعد الآن من الحصانة الدبلوماسية. في الوقت الحالي، أفلت السكرتير الأول السابق للسفارة الجزائرية في باريس من قبضة القضاء الفرنسي. لكن اسمه سجل الآن في الملف الأسود للأساليب المافياوية للنظام الجزائري، المتهم صراحة بتصدير الترهيب والاختطاف إلى الأراضي الأوروبية.

تقوض هذه القضية الجديدة أي أمل في تخفيف التوتر بين فرنسا وجزائر عبد المجيد تبون. الأزمة، التي بدأت بالفعل في صيف عام 2024، عندما اعترف إيمانويل ماكرون بالسيادة المغربية على الصحراء، وتفاقمت باعتقال الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال في الجزائر، لا يبدو أن نهايتها قريبة.

قضية سلوم ليست سوى الجزء الظاهر من جبل الثلج. فقد كشفت صحيفة لوجورنال دو ديمانش يوم 10 ماي أن الأساليب المستخدمة ضد أمير دي زاد تندرج في إطار سلسلة طويلة من العمليات السرية التي تستهدف تحييد المعارضين في فرنسا وإسبانيا وأماكن أخرى. فقبل أمير دي زاد، كانت شخصيات معارضة أخرى تعيش في الخارج، مثل الصحفيين عبدو السمار وهشام عبود، أهدافا لاعتداءات ومحاولات اختطاف وحملات ترهيب مدبرة من الجزائر.

في الجزائر نفسها، القمع يمارس على نطاق واسع، إذ يقبع ما يقرب من 250 معتقل رأي (صحفيون وشعراء وكتاب ونشطاء) خلف القضبان بتهم واهية مثل «تمويل الإرهاب» أو «المساس بأمن الدولة». القاسم المشترك بينهم هو معارضتهم لعبد المجيد تبون والطغمة العسكرية التي أوصلته إلى السلطة.

كشفت صحيفة لوجورنال دو ديمانش عن الدور المباشر للرئيس في هذا القمع. فمنذ وصوله إلى قصر المرادية، جعل تبون من تحييد الأصوات المعارضة، بأي وسيلة كانت، هاجسا شخصيا. وتعود كراهيته لأمير دي زاد إلى عام 2021، عندما اتهم هذا اليوتيوبر السيدة الأولى وابنها بالفساد وتهريب الكوكايين في ما يعرف بقضية كمال البوشي. وأمام الفشل القضائي المتوالي، أعطى تبون أمر لأجهزته الاستخباراتية بـ«حل المشكلة» خارج أي إطار قانوني.

وتوكل هذه الأعمال القذرة إلى دائرة ضيقة من الرجال الموثوق بهم وأزلامهم: الجنرال رشدي فتحي موساوي، الملقب بـ«الصادق»، مدير المديرية العامة للوثائق والأمن الخارجي؛ ومحمد وسيم عبلول، الملقب بـ«عبد الغني»، ضابط في مديرية الأمن الداخلي، وبوعلام بوعلام، مدير ديوان الرئاسة ومسؤول عمليات المراقبة والفساد والترهيب والقضاء على المعارضين. بالنسبة للمحققين الفرنسيين، لم يعد هناك شك في أن قضية أمير دي زاد خطط لها وحقّقت ودبرت انطلاقا من الجزائر. وهو ما يؤكد أن النظام الجزائري لم يعد يكتفي بإسكات مواطنيه في الداخل، بل يصدر قمعه إلى قلب أوروبا نفسها.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 09/08/2025 على الساعة 16:30