طيلة اليومين الماضيين، خصصت ما تسمى بـ«وكالة الأنباء الصحراوية (واص)» عدة قصاصات حول مضامين خطبة عيد الأضحى، التي يبدو أنها موحدة وكتبت من محبرة واحدة، حيث عملت على نشر مضامين الخطبة التي يفترض أن تشكل موعظة دينية تمنح المصلي «جرعة إيمانية» وليس تلويث أذنيه بالأكاذيب لأغراض سياسية...
ووفق ما أوردته «واص» فقد حذرت خطبة عيد الأضحى من «مؤامرات الأعداء» الذين «تفننوا في سبل إيصال الشرِّ إليكم، والقضاء على أجيالكم، فلقد حاربوكم قبل ذلك بالسلاح وأنواع الدمار، فلم يستطيعوا إرغامكم، فبثوا في أوساطكم المسكرات والمخدرات القاضية على العقول والغيرة والشِّيَم، والجامعة لكلِّ خبث ورذيلة، والفاتحة لأبواب الشرور والبَلايا، والرزايا».
وحسب المصدر ذاته فقد أبرزت الخطبة أن «في هذا الداء الخطير القضاء على أعز قوة وأنكى سلاح، وهي قوة الشباب الذي تنهض به الأمم وتحفظ به كرامتها ويذاد به عن حياضها».
ودعت الخطبة، وفق ما نشرته واص، الشباب إلى «عدم تعريضهم للضياع وذهاب العقول، مبينين ما تفعل هذه المخدرات بالعقول والأجساد، حيث تحول العقلاء إلى مجانين والأصحاء إلى معاقين يتمايلون في الطرقات، لا يدركون ما يقولون ولا يعلمون ما يفعلون».
ضحايا من؟
إن كان كاتب هاته الخطبة قد توفق في شيء فإنه لم يبرع سوى في وصف الواقع الذي يتخبط فيه شباب الجبهة المحاصرين في المخيمات، عندما قال إن «العقلاء تحولوا إلى مجانين والأصحاء إلى معاقين.. لا يدركون ما يقولون ولا يعلمون ما يفعلون»، اللهم لا شماتة، لكن هذا الوضع بالذات هو الذي يريده زعماء الجبهة الانفصالية، الذين يغرقون شباب المخيمات بالمخدرات لضمان ولائهم وعدم تمردهم ضد قيود الاستعباد...
إقرأ أيضا : الجزائر: العطش يُخرج المواطنين إلى الاحتجاج يوم عيد الأضحى
فحسب ما ترصده تقارير دولية فإن مخيمات تندوف تحولت إلى «حلبات صراع بين عصابات تمتهن التجارة في المخدرات والتهريب»، إلى درجة أصبحت معها «هاته الممارسات المسلحة مألوفة لدى الساكنة في ظل غياب الأمن، وسط تفشي الفساد والإجرام، وتورط كبار قيادات البوليساريو في بيع وتهريب المخدرات، ما يجعل المجرمين تحت حمايتهم ويستمدون جرأتهم من العلاقة مع مسؤولي البوليساريو الذين يغضون الطرف عن هذه الأفعال الإجرامية، مما سبب انفلاتا أمنيا واضحا، أدى إلى اغتصاب النساء وإصابات وجروح دون أي حساب أو متابعة».
مشجب الفشل
مثلهم مثل زعمائهم في الجزائر، لا يترك قادة الجبهة الانفصالية أية فرصة لإبعاد التهم عنهم وإلصاقها بالمملكة المغربية دون أن ينتهزوها، ففي كل مرة يعلقون فشلهم على مشجب المغرب، من خلال إيهام المحتجزين بأن ما يتخبطون فيه من مشاكل هو من فعل «العدو»، ولم يستحيوا هذه المرة من استغلال خطبة عيد الأضحى في تمرير جملة من الأكاذيب التي لم يعد يصدقها أحد.
إذا كان القاصي والداني يعرف من أن تأتي تلك المخدرات المدمرة، وكيف يتفنن الجار الشرقي للمملكة في تسهيل تسريبها عبر الحدود البرية بهدف تدمير الشباب المغربي، فإن السؤال الذي قد يحير كل من يسمع مضمون هاته الخطبة، هو من هي حقا الجهة التي وصفتها الخطبة بـ«العدو» وألصقت بها كل تلك الجرائم التي يعي الصحراويون المحتجزون جيدا من يقترفها في حقهم؟