أشار تقرير نشرته أول أمس وكالة الأنباء العالمية « أسوشيتد برس » إلى انتشار فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر أعمال العنف التي رافقت الاحتجاجات في تيارت.
وأوضح المصدر أن المتظاهرين أشعلوا النار في الإطارات وأقاموا حواجز لسد الطرق احتجاجا على أزمة المياه في المدينة التي يبلغ عدد سكانها نحو 200 ألف نسمة، وتقع على بعد 250 كيلومترا جنوب غربي الجزائر العاصمة.
وعود النظام لحل الأزمة
على إثر هذه الاحتجاجات، دعا الرئيس عبد المجيد تبون إلى تنفيذ « إجراءات طارئة » لحل مشكلة المياه في تيارت، ووعد بتوفير المياه الصالحة للشرب بشكل عاجل.
من جانبه، أعلن وزير الداخلية، إبراهيم مراد، أن توفير مياه الشرب في عاصمة الولاية سيتحسن في غضون أسبوعين، أي بحلول عيد الأضحى المبارك، بفضل الإجراءات العملية التي سيتم اتخاذها.
وأشار مراد إلى مجموعة من الإجراءات، من بينها تقليص آجال إنجاز مشروع ربط مدينة تيارت انطلاقا من الحوض المائي الشط الشرقي، وتعزيز الورشات لتسليمه قبل نهاية الشهر الحالي، إضافة إلى تدشين مخطط مستعجل لاستغلال أسطول الشاحنات بصهاريج قادمة من عدة ولايات لضمان توزيع المياه عبر أحياء مدينة تيارت والبلديات المتضررة.
ووعد الوزير بالقضاء نهائيًا على الأزمة من خلال حفر وتعميق آبار حوض عين دزاريت والبدء في مشروع جلب المياه انطلاقا من الحوض الجوفي عجرماية ببلدية زمالة عبد القادر بناء على توجيهات رئيس الجمهورية.
وأشار مراد إلى أن الجزائر تعيش أزمة مياه حادة نتيجة الجفاف الذي ضرب البلاد خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن الأزمة تبدو أكثر فداحة في 10 ولايات على الأقل في شمال ووسط البلاد.
خطط ترقيعية
للحد من تداعيات الأزمة، لجأت الجزائر إلى إنشاء محطات تحلية لمياه البحر، حيث تتوافر حاليًا 11 محطة لتحلية مياه البحر، وتستهدف رفع عددها إلى نحو 20 محطة بحلول عام 2030 لتعويض نقص مياه السدود التي ستحول إلى قطاع الزراعة.
ويستهلك الجزائريون سنويًا ما بين 3.6 إلى 4 مليارات متر مكعب من المياه، يأتي 30% منها من السدود، بينما تأتي البقية من الآبار ومحطات تحلية مياه البحر، وفقًا للإحصاءات الرسمية.
توزيع غير عادل للموارد
وتواجه الجزائر، وفق العديد من التقارير الدولية، انتقادات واسعة بشأن التوزيع غير العادل للثروة على البلاد، حيث تعاني العديد من المناطق من نقص كبير في الموارد والبنيات التحتية، بالرغم من أن الجزائر تُعتبر من بين أكثر البلدان تصديرا للنفط والغاز.
ويتناقض الواقع الذي يتخبط فيه الشعب الجزائري مع التصريحات الفلكية التي أطلقها الرئيس تبون أمام ملوك ورؤساء الدول والحكومات الحاضرين خلال المناقشة العامة في الدورة الثامنة والسبعين من الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك (شتنبر 2023)، حيث قال إن بلاد « القوة الضاربة » انطلقت ببرنامج تحلية مياه البحر « وسنصل مع نهاية سنة 2024 إلى إنتاج مليار و300 مليون متر مكعب يوميا ».
وكان الممثل الدائم للمغرب في الأمم المتحدة، السفير عمر هلال، وجه أول أمس الثلاثاء، انتقادات للجزائر، حيث اتهمها بصرف الملايير على « المشروع الانفصالي » الذي تتبناه جبهة البوليساريو، على حساب رفاهية الشعب الجزائري الذي يقف في طوابير للحصول على أبسط المواد الغذائية الأساسية.
وسبق أن أكدت العديد من التقارير الدولية، أن الجزائر تُسخر كل إمكانياها لجبهة البوليساريو، وتستخدم علاقاتها الدبلوماسية لصالحها، إضافة إلى توفير الدعم المالي للجبهة الانفصالية، مما يُكلف خزينة الدولة، ويبقى المتضرر هو الشعب الجزائري.
وتظل أزمة المياه في تيارت وجميع أنحاء الجزائر تحديًا كبيرًا يواجه الحكومة والمواطنين على حد سواء. ومع تزايد حدة التوترات، يبقى السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت الإجراءات العاجلة التي اتخذها النظام الحاكم في الجزائر ستتمكن من تهدئة الاحتجاجات وتوفير حل مستدام لهذه الأزمة المستمرة.