دخول مدرسي كارثي في الجزائر: غليان شعبي بسبب مدارس متهالكة وفصول مكتظة

غليان شعبي في الجزائر بسبب مدارس متهالكة وفصول مكتظة

في 24/09/2024 على الساعة 17:14

فيديوشهدت الجزائر دخولا مدرسيا مضطربا كعادتها كل عام، حيث تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة تعبير عن استياء وغضب عارمين من أوضاع المدارس وظروف التعليم التي وصفت بـ« الكارثية ». ولعل أبرز ما أثار هذا السخط هو الاكتظاظ الهائل داخل الفصول، نتيجة لنقص المدرسين، فضلا عن الحالة المتدهورة للبنية التحتية للمدارس التي تأخرت في فتح أبوابها عن الموعد المعتاد بأكثر من عشرين يوما، وذلك بسبب انشغال النظام الحاكم بالانتخابات الرئاسية التي أثرت على جاهزية الدولة للتعامل مع مشاكل التعليم.


في مشهد يتكرر مطلع كل موسم دراسي، انتفض آباء وأولياء الأمور رافضين ظروف التلاميذ التي وصفوها بأنها « كارثية ». فإلى جانب الاكتظاظ الذي فاق الطاقة الاستيعابية للفصول الدراسية، شكك العديد من الجزائريين في وعود الحكومة بتحسين الوضع التعليمي في «الجزائر الجديدة» التي وعد تبون بتحقيقها في العهدة الثانية.

آباء غاضبون

لم يقتصر الآباء والأمهات الغاضبون على الاحتجاج ضد الظروف الكارثية للدخول المدرسي، على الأرض فحسب، بل انتقلت احتجاجاتهم إلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث نشر العديد من الآباء مقاطع فيديو تُظهر الحالة المزرية للمدارس التي سيدرس فيها أبناؤهم.

من بين تلك المقاطع فيديو انتشر بشكل واسع يظهر أبا من ولاية سكيكدة، يعبر فيه عن غضبه من الوضعية السيئة لمدرسة ابتدائية، رغم أن وزارة التربية قد أعلنت عن ترميمها بميزانية وصلت إلى 4 مليارات سنتيم جزائري.

وفي الفيديو، لم يتردد الأب الغاضب في اتهام المسؤولين بالفساد وسوء الإدارة وسرقة الأموال المخصصة للتعليم، متسائلا عن دور اللجان المحلية في الرقابة على المشاريع.

بدوره، شارك الناشط السياسي الجزائري محمد العربي زيتوت عبر حسابه على منصة X عدة مقاطع فيديو تكشف الأوضاع المتردية لمؤسسات التعليم، بينما انشغلت وسائل الإعلام الرسمية بالإشادة بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة لـ« تحسين » العام الدراسي.

وتقاسم الكثير من الجزائريين هذه المقاطع عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي، موجهين سهام الانتقاد للمسؤولين بسبب الأوضاع السيئة للمؤسسات التعليمية.

الواقع يكذّب الوزير

في الوقت الذي كان فيه الجزائريون يتداولون هذه المشاهد على نطاق واسع، ظهر وزير التربية، عبد الحكيم بلعابد، في وسائل الإعلام الرسمية ليؤكد على أن التحضيرات للدخول المدرسي بدأت منذ نوفمبر 2023. لكن هذه التصريحات لم تلقَ سوى السخرية والانتقادات من أولياء الأمور الذين أكدوا عكس ذلك تماما. فقد فندت صور وفيديوهات انتشرت من مختلف الولايات عن مدارس تفتقر إلى الحد الأدنى من النظافة والصيانة، مما يعكس الفجوة بين تصريحات المسؤولين والواقع الميداني.

وفي الوقت الذي كانت فيه منصات التواصل تشتعل بالانتقادات، كان الإعلام الرسمي المسخر من طرف المؤسسة العسكرية الحاكمة، يتغنى بالإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية بقيادة الوزير عبد الحكيم بلعابد، تنفيذا لـ« توجيهات » الرئيس عبد المجيد تبون.

معضلة الاكتظاظ

أكثر ما أثار غضب الجزائريين هو معضلة الاكتظاظ الناتجة عن قلة المدرسين مقارنة بعدد التلاميذ. فقد أشار وزير التربية إلى أن حوالي مليون إطار مدرسي قد تم تجهيزه لهذا الموسم، نصفهم إداريون، أي في النهاية يتبقى نصف مليون أستاذ وأستاذة لتعليم 12 مليون تلميذ. وهو ما يعني بالنسبة للجزائريين، تلاميذ وأساتذة وآباء، استمرار معاناتهم مع الاكتظاظ الشديد داخل حجرات دراسية غير مهيأة أصلا للتدريس بسبب حالتها المهترئة.

وعبر أحد المواطنين، واسمه معمر الشرقي، في تعليق له على هذه الأزمة قائلا: « نصف مليون أستاذ يدرسون قرابة 12 مليون تلميذ! لهذا مستوى التعليم في بلادنا في الحضيض.. ». بينما أشار آخر يدعى سامي إلى أن المشكلة ليست فقط في الأعداد، بل في السياسات التربوية نفسها، حيث علق قائلا: « المشكلة ليست في عدد التلاميذ أو المعلمين أو المؤسسات التربوية.. المشكلة في البرنامج، ماذا أعددتم لهذا الجيل المستهدف لإبعاده عن التربية والدين..؟ ».

وتناسلت ردود الفعل الغاضبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال تعليقات معبرة، مثل تعليق نعيمة التي استخدمت مثلا شعبيا بليغا للتعبير عن رأيها في هذا النقاش، حيث كتبت قائلة: « نحن نشتكي من الشربة الساخنة وهم يغيرون لنا المعالق ».

وتعكس هذه الردود حجم الفجوة بين ما يعانيه الشعب وما يقدمه النظام من حلول سطحية لا تعالج جوهر المشكلات التي يواجهها التعليم في الجزائر.

وفي ظل استمرار سيطرة الجيش على دواليب السلطة في الجزائر، يبدو أن أزمة التعليم في الجزائر ستتفاقم أكثر وسط تجاهل حكومي للمشاكل الحقيقية التي يعاني منها القطاع، بدءا من الاكتظاظ، مرورا بالبنية التحتية المتردية، وصولا إلى قلة أعداد أطر التدريس.

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 24/09/2024 على الساعة 17:14