الجزائر: النظام العسكري يشهر «ورقة التجريد» لتصفية الحسابات مع معارضي الخارج

جواز سفر جزائري فوق راية البلاد

في 23/12/2025 على الساعة 18:19

فيديودخل النظام الجزائري مرحلة جديدة من المواجهة مع معارضيه في الخارج، متجاوزا حدود الملاحقات القضائية والأحكام السجنية ليصل إلى المساس بجوهر الانتماء الوطني. ويأتي مقترح تعديل قانون الجنسية، المقرر التصويت عليه غدا الأربعاء، ليفتح بابا واسعا من الجدل حول الأهداف الحقيقية وراء هذا التشريع، الذي يراه مراقبون «سلاحا سياسيا» بامتياز تحت غطاء حماية المصالح العليا للدولة.

تستعد الجزائر لمرحلة جديدة من التصعيد الأمني والسياسي مع اقتراب موعد التصويت في البرلمان، الأربعاء المقبل، على مشروع قانون «التجريد من الجنسية». ورغم محاولات السلطة إضفاء صبغة قانونية وسيادية على هذا الإجراء، إلا أن القراءة المتأنية في خلفياته وتوقيته تكشف عن رغبة جامحة في تحويل الانتماء الوطني إلى «أداة انتقام» ضد المعارضين والحقوقيين والصحفيين المقيمين في الخارج.

تكميم الأفواه العابر للحدود

تعكس التحركات البرلمانية الأخيرة حالة من الارتباك في التعاطي مع أصوات الناشطين والصحفيين الذين يتخذون من المنصات الرقمية فضاء لنقد النظام العسكري وفضح ملفات الفساد.

فبعد أن فشلت السجون والأحكام القضائية الثقيلة في إسكات الأصوات التي تفضح الفساد وتنتقد التدبير السياسي، لجأ النظام العسكري الدكتاتوري إلى ابتكار «سلاح جديد» يستهدف الوجود القانوني للمعارضين، عبر وصمهم بعبارات فضفاضة من قبيل «الإرهاب» و«المساس بالوحدة الوطنية» و«الإضرار بمصالح الدولة».. وهي مفاهيم تمنح السلطة التنفيذية سلطة تقديرية واسعة لتحويل الحق في المواطنة إلى وسيلة ابتزاز.

ويرى متابعون أن استهداف الجزائريين في المهجر بهذا القانون يمثل اعترافا ضمنيا بعجز أدوات القمع التقليدية عن الوصول إلى فئات تمارس حقها في التعبير خارج نطاق السيطرة الأمنية المباشرة.

تحذيرات حقوقية ومطالب بـ«رقابة القضاء»

شهدت أروقة المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) جدلا حادا، حيث طالب نواب بضرورة حصر سحب الجنسية في إطار قضائي صرف. وفي هذا السياق، تقدم النائب عن الجالية في فرنسا، عبد الوهاب يعقوبي، بتعديل يطالب بأن يكون القضاء هو المصدر الوحيد لهذا القرار، مشددا على أن إخضاع الأمر لرقابة قاض مستقل هو تكريس لدولة القانون وحماية لقرينة البراءة، محذرا من التأويلات الموسعة التي قد تنجم عن قرارات إدارية خارج الرقابة القضائية.

من جانبها، أصدرت منظمة «شعاع» الحقوقية بيانا شديد اللهجة اعتبرت فيه أن هذا التعديل يمثل «مسارا تشريعيا خطيرا».

وأكدت المنظمة الكائن مقرها في لندن أن استخدام مفاهيم فضفاضة مثل «المساس بمصالح الدولة» أو «الوحدة الوطنية» يفتح الباب لتحويل إجراء استثنائي إلى أداة عقابية لتكميم الأفواه، مشيرة إلى أن استهداف المقيمين في الخارج يعكس رغبة السلطة في السيطرة على الفضاءات الحرة التي لا تصلها يد الاعتقال المباشر.

من السجن إلى التجريد.. إفلاس سياسي

يرى مراقبون أن هذا التصعيد يكشف عن «إفلاس حقوقي»، فبعد سنوات من المحاكمات الصورية التي اصطدمت أحيانا بعوائق قانونية كتقادم القضايا أو الفضائح الدولية، برز مشروع تعديل قانون الجنسية كحل أخير لتأديب المعارضين.

إن تحويل الجنسية من حق سيادي ثابت إلى وسيلة ابتزاز مشروطة بالولاء للسلطة يعكس، حسب حقوقيين، خرقا فاضحا للمادة 15 من الإعلان العالمي حقوق الإنسان، والتزامات الجزائر الدولية في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

صرخة لرفض «تسييس الهوية»

وجهت الفعاليات الحقوقية نداءات عاجلة لنواب البرلمان والأحزاب السياسية لتحمل مسؤولياتهم التاريخية ورفض هذا النص. فالانتماء الوطني لا يفرض بالعقاب، وصون الاستقرار الحقيقي لا يتحقق عبر تقويض الحريات الأساسية.

إن محاولة النظام إعلان الحرب على «المواطنة» نفسها لا تعبر إلا عن عمق الأزمة البنيوية التي يعيشها، محاولا تغطية فشله في إدارة البلاد بمصادرة هوية منتقديه.

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 23/12/2025 على الساعة 18:19