تبون ينهي مهام سفير الجزائر في لبنان بسبب وصف ترامب بـ«المختل عقليا»

كمال بوشامة

في 25/12/2025 على الساعة 18:15

فيديوبمرسوم رئاسي حمل توقيع الرئيس عبد المجيد تبون، نُشر في الجريدة الرسمية يوم الخميس 25 دجنبر، أُنهيت مهام كمال بوشامة السفير الجزائري في لبنان بشكل رسمي. هذا الإعفاء لم يأت في سياق حركة تغيير دورية، بل كان بمنزلة «قرار اضطراري» اتخذته السلطات الجزائرية بعد خروج السفير عن ضوابط العمل الدبلوماسي وواجب التحفظ. فقد تحولت منصة ثقافية في بيروت إلى ساحة لهجوم شخصي حاد شنه بوشامة ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واصفا إياه بعبارات مهينة تجاوزت حدود اللباقة الدولية، مما تسبب في إحراج كبير لمصالح الدولة الخارجية وأثار تساؤلات عميقة حول بوصلة الدبلوماسية الجزائرية في مواجهة الأزمات الدولية الحساسة.

أكد العدد الأخير من الجريدة الرسمية الجزائرية، الصادر يوم الخميس 25 دجنبر، إنهاء مهام كمال بوشامة كـ«سفير فوق العادة ومفوض» في بيروت، وذلك اعتبارا من تاريخ 9 أكتوبر الماضي، بموجب مرسوم رئاسي وقعه الرئيس عبد المجيد تبون.

هذا الإعفاء الذي جاء بعد أقل من عشرة أشهر على تعيين بوشامة، كان نتيجة مباشرة لسلسلة من الانزلاقات اللفظية.

لسان المثقف يغدر بالدبلوماسي

لم يكن قرار إقالة بوشامة، الذي عين في منصبه مطلع سنة 2025، وليد صدفة إدارية، بل كان نتيجة مباشرة لـ«تجاوزات لفظية» وُصفت بأنها خروج فج عن واجب التحفظ الدبلوماسي. فخلال ندوة ثقافية نظمها «اتحاد الكتاب اللبنانيين» أواخر شتنبر الماضي، تخلى بوشامة عن لغة الدبلوماسية الرصينة، ليشن هجوما لاذعا على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واصفا إياه بـ«الكاوبوي» و«المريض العقلي» الذي يستحق مكانا في «مستشفى المجانين» بدلا من قيادة أكبر قوة في العالم.

ولم تتوقف سقطات السفير عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل إعادة كتابة التاريخ بأرقام أثارت استغراب المتابعين، حين ادعى أن عدد شهداء حرب الاستقلال الجزائرية وصل إلى «20 مليون شهيد»، في محاولة للمبالغة الخطابية التي تجاوزت حدود المنطق والتوثيق التاريخي.

إخفاقات الدبلوماسية الجزائرية في بيروت

تأتي هذه الإقالة لتكشف عن حالة من الارتباك في إدارة التمثيل الدبلوماسي الجزائري في لبنان. فبوشامة هو السفير الثاني الذي تُنهى مهامه في بيروت خلال فترة وجيزة ولأسباب تتعلق بالتصريحات السياسية، بعد سلفه رشيد بلباقي الذي أُعفي من منصبه بسبب تصريح له خلال وصول ناقلة وقود جزائرية إلى لبنان، قال فيه إن « الجزائر مع المقاومة ».

كما سبق لبوشامة أن أثار جدلا واسعا في الأوساط المحافظة بالجزائر، بعد نشر صور لاستقبال ممثلة لبنانية في مقر السفارة بزي اعتبره البعض «غير مناسب» للهيبة الدبلوماسية، مما اضطر السفارة لسحب الصور لاحقا بعد موجة من الانتقادات.

خطأ استراتيجي فادح

يرى مراقبون أن ما جرى يمثل «خطأ استراتيجيا» فادحا. فالجزائر، التي تسعى لتعزيز علاقاتها مع القوى الكبرى في مجالات الطاقة والأمن ومكافحة الإرهاب، تجد نفسها اليوم في حرج أمام واشنطن بسبب تصريحات ممثلها الرسمي.

إن هذه «السقطة» المدوية للسفير كمال بوشامة تتجاوز كونها مجرد زلة لسان من دبلوماسي لم يحسن انتقاء مفرداته، بل هي جرس إنذار يكشف عن عمق الأزمة التي تعيشها الدبلوماسية الجزائرية في ظل استمرار سيطرة العسكر على الحكم، ما سيقود البلاد نحو مزيد من العزلة والانغلاق حول نفسها يوما بعد آخر.

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 25/12/2025 على الساعة 18:15