الناشط الحقوقي الجزائري أنور مالك، وهو من المقربين لهشام عبود، قال في فيديو مباشر بثه مساء السبت على قناته على يوتيوب: « كان آخر اتصال لي مع هشام عبود في مطار فرنسا مساء أول أمس الخميس، حيث أخبرني أنه في طريقه إلى إسبانيا وسيتواصل معي فور وصوله. لكن منذ ذلك الحين، انقطعت أخباره ».
وأضاف مالك أن زوجة عبود أكدت له انقطاع أخباره منذ يوم الخميس الماضي، مع إغلاق هواتفه بشكل غريب، وهو أمر غير معتاد من عبود المعروف بالتواصل المستمر، حسب تعبير أنور الذي تجمعه بهشام علاقة صداقة منذ 20 عاما.
وبينما تستمر عائلة هشام عبود (69 عام) في البحث عنه، أفاد محام بأن عمليات البحث في المستشفيات والدوائر الأمنية الإسبانية لم تسفر عن أي جديد حتى مساء يوم السبت 19 أكتوبر.
ودفع الغموض الذي يلف اختفاء عبود، المعروف بانتقاداته الحادة للنظام العسكري الجزائري، كثيرين إلى اتهام المخابرات الجزائرية بتدبير عملية اختطافه.
عبود تحت المجهر
هشام عبود ليس مجرد صحفي عادي، بل هو معارض بارز للنظام الجزائري، استخدم منصاته الإعلامية، بما في ذلك قناته على يوتيوب، لكشف فضائح النظام وسياساته.
انتقد عبود بقوة تزوير الانتخابات وتناقضات السياسات الحكومية، كما سبق له أن تعرض لعدة ملاحقات قضائية وتهم تتعلق « بالمساس بأمن الدولة »، ما جعل حياته تحت تهديد مستمر.
إقرأ أيضا : بالفيديو: الصحفي الجزائري هشام عبود يهاجم من وجدة نظام العسكر الجزائري ويتهمه بزرع الفتنة
عبود، الذي عاش في المنفى بفرنسا منذ عام 1997 بعد مغادرته الجزائر بشكل غير قانوني، ظل هدفا لأجهزة الدولة الجزائرية. وقد وُجهت له عدة تهم على مر السنوات، بينها حكم بالسجن غيابيا عشر سنوات في 2020 بتهم تتعلق بالهجرة غير الشرعية. كما صدرت بحقه مذكرة توقيف دولية بعد اتهامه بالتورط في حركة رشاد، التي تصفها الحكومة الجزائرية بالجماعة الإرهابية.
من يكون هشام عبود؟
ولد هشام عبود في 15 يونيو 1955 في باب الوادي بالجزائر العاصمة. انضم إلى الجيش الجزائري عام 1975، حيث شغل منصب رئيس تحرير صحيفة الجيش، المنشور الرسمي للجيش الجزائري.
بعدما استقال من الجيش في 16 أكتوبر 1992، أسس في عام 1993 جريدة « الأصيل » المستقلة التي تم حظرها لاحقا بسبب انتقاداتها العنيفة للحكومة. وبعدها أسس صحيفة « الحر » التي أغلقتها السلطات في العام نفسه. وفي 1997، اضطر لمغادرة الجزائر هربا من ملاحقات قضائية عدة، واستقر في فرنسا حيث حصل على حق اللجوء السياسي.
في منفاه، أصدر هشام عبود عدة مؤلفات أبرزها كتابه « مافيا الجنرالات » الذي فضح فيه فساد الحكومة الجزائرية ووصفها بأنها « مافيا سياسية وعسكرية ».
ورغم استفادته من بعض البراءات في القضايا التي رفعت ضده بعد عودته إلى الجزائر لفترة قصيرة عام 2011، إلا أن السلطات استمرت في مضايقته حتى اضطر مجددا لمغادرة البلاد في 2013 بعد تضييقات شديدة عليه وعلى صحيفتيه « مون جورنال » و« جريدتي ».
انتهاك جديد لحرية الصحافة
اختفاء هشام عبود في ظل هذه الظروف يثير الكثير من الأسئلة حول مدى حرية التعبير والصحافة في الجزائر. ففي الوقت الذي يدعي فيه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بأن بلاده تكفل حرية التعبير، تشير تقارير حقوقية دولية إلى قمع النظام العسكري للمعارضين والصحفيين والنشطاء السلميين.
ويشكل اختفاء عبود حلقة جديدة في سلسلة الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون في الجزائر، ويفتح الباب على مصراعيه لمزيد من الشكوك حول ضلوع أجهزة الدولة في إسكات الأصوات المعارضة، خاصة تلك التي تجد في المنفى ملاذا للتعبير عن آرائها.