تذكر هذه القضية بفضيحة 701 كيلوغراما من الكوكايين التي تم ضبطها في ماي 2018 في ميناء وهران، وهي القضية التي أطلق فيها سراح خالد تبون، نجل الرئيس الجزائري الحالي بمجرد انتخاب والده رئيسا.
ما هي هوية المستورد الجزائري لشحنة الذرة البرازيلية حيث تم اكتشاف كمية من الكوكايين تقارب ثلاثة ونصف قنطار يوم الثلاثاء الماضي في إسبانيا؟ هذا السؤال تجنبت طرحه وسائل الإعلام الجزائرية القليلة التي ذكرت هذه القضية باقتضاب، في حين أن وسائل الإعلام الحكومية لم تخصص للفضيحة ولو كلمة واحدة. بعد ستة أيام من اعتراض 322 كيلوغراما من الكوكايين في ميناء الجزيرة الخضراء بإسبانيا، مخبأة في سفينة شحن في طريقها إلى ميناء وهران، ما زال الجميع يتنظر رد فعل المسؤولين الجزائريين.
هذا الصمت المطبق يثبت أن فضيحة تهريب المخدرات الجديدة محرجة للغاية للسلطات الجزائرية. من ناحية، فهي تأتي في وقت سيئ بالنسبة لرئيس أركان الجيش، الجنرال سعيد شنقريحة، الذي قام قبل أيام قليلة فقط بزيارة رسمية إلى البرازيل، وهو البلد الذي خرجت منه شحنة الكوكايين. الحرج أكبر بالنسبة لعبد المجيد تبون، الذي يغازل حاليا الجنرالات بهدف الترشح لولاية ثانية، والذي قد يرى مشروعه يسقط بسبب قضية تهريب المخدرات الجديدة هذه، والتي قد يكون ابنه خالد متورطا فيها.
والسبب هو أن ضبط هذه الشحنة الجديدة من الكوكايين المتجهة إلى ميناء وهران يشبه إلى حد كبير بـ«فضيحة البوشي»، التي سميت باسم امبراطور العقار كمال شيخي، الذي حاول إدخال أكثر من 7 قناطير من الكوكايين إلى الجزائر في شهر ماي 2018، والتي كانت مخبأة في شحنة لحوم حمراء مستوردة من البرازيل.
تمت إدانة وسجن «البوشي» (يعني الجزار) وشركائه في هذه القضية، بمن فيهم نجل تبون وكبار ضباط الجيش، بمن فيهم الرئيس القوي السابق للشرطة الجزائرية في ذلك الوقت، الجنرال عبد الغني هامل، وقضاة ورجال أعمال. فقط خالد تبون، العضو المؤثر في عصابة تهريب المخدرات هاته، تم إخراجه من سجن الحراش في فبراير 2020، بعد إعادة محاكمته بعد انتخاب والده، في انتخابات رئاسية قاطعها الجزائريون بشكل كبير، رئيسا للبلاد.
هل خالد تبون ضالع في هذه المحاولة الجديدة لإدخال شحنة كوكايين جديدة إلى الجزائر؟ لماذا يسكت النظام الجزائري عن هذه الفضيحة؟ كيف نفسر التشابه المزعج (بلد مغادرة الشحنة، إخفاء المخدرات في الطعام، مكان الوصول) بين فضيحة البوشي والفضيحة الحالية التي تحاول الطغمة العسكرية التستر عليها؟ ما هو مؤكد هو أن الأفراد المتورطين، بمن فيهم نجل الرئيس الجزائري، لم يتخلوا قط عن تهريب الكوكايين بعد قضية البوشي. ما هو مؤكد أيضا هو أن عدة شحنات مرت بين بداية 2020 وأبريل 2023، قبل أن يتم نقلها من الجزائر إلى السوق الأوروبية المربحة. لا شك في أن العقل المدبر لتهريب المخدرات يتمتع بحماية على أعلى مستوى داخل السلطة الجزائرية.
سيكون الرئيس الجزائري محرجا للغاية، إذا ثبت تورط نجله في قضية المخدرات هذه، لأنه ألقى في السجن الصحافي القاضي إحسان، المتهم بكونه طالب كبار ضباط الجيش الجزائري، من خلال مقال صحفي، بقطع الطريق على تبون حتى لا يتقدم لولاية ثانية. كما مدد حتى عام 2025، أي بعد عام من الانتخابات الرئاسية المقبلة، عقوبة السجن في حق منافس محتمل كان سيستعيد حريته في 12 يونيو. يتعلق الأمر بالجنرال المتقاعد علي غديري، الرجل الذي دعا، عبر مقال رأي في أعمدة صحيفة «الوطن»، الجيش في 2018 إلى منع عبد العزيز بوتفليقة من الترشح لولاية خامسة، مع تقديم ترشيحه للرئاسة. حكم عليه بالسجن 5 سنوات بتهمة «المس بمعنويات الجيش»!.
على أي حال، إذا أراد الجنرالات التخلص من عبد المجيد تبون، فيمكنهم استغلال ملف ابنه، الذي يمكن أن يكون أيضا متورطًا في القضية، التي لم يتم كشف خباياها بعد، والمتعلقة بـ490 كيلوغرام من الكوكايين تم ضبطها في يونيو 2021 قبالة سواحل وهران بعد أن اكتشفها صيادون.