أثار هذا التعيين الكثير من الجدل في الجزائر. ففي الوقت الذي انخرطت جوقة الإعلام الرسمي في التصفيق لهذا الاختيار، من خلال إبراز سيرة إبراهيم مراد (71 سنة) خريج المدرسة الوطنية للإدارة، الذي تقلد عدة مناصب كوال في عدة ولايات على غرار تندوف، تيارت، بشار، أم البواقي، عين الدفلى، تيزي وزو، والمدية، قبل أن يصل إلى وزارة الداخلية... فإن تعليقات المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي كشفت عن وعي الشعب بالمخططات التي يحيكها نظام الجنرالات العجزة للبقاء في السلطة.
انتهاك صارخ للقانون
تفاوتت ردود فعل الجزائريين بين الغضب والاستنكار، حيث اعتبر بعضهم أن هذه الخطوة تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الانتخابي واستخدامًا لموارد الدولة لأغراض انتخابية.
وكتب مواطن يدعى حمدي تعليقا على خبر التعيين الذي أوردته جريدة « الشروق » الجزائرية على صفحتها الفيسبوكية: « هذا انتهاك خطير للغاية للقانون الانتخابي. استخدام موارد الدولة للأغراض الانتخابية. كيف سيتحرك هذا « الوزير »؟ في سيارته الخاصة؟ لمن سيرسل فواتير نفقاته؟ إلى « المرشح المستقل » تبون؟ من سيدفع؟ من خلال « الحساب المصرفي الجاري الوحيد الشفاف للمرشح ». كل هذا محبط للغاية، تبون لا يحاول حتى الحفاظ على المظاهر! ».
وكتب آخر ويدعى محمد شريف معلقا: " فضيحة هذي.. الوزير يخدم خدمتو ولا يدير الحملة؟!! ». واستنكر مواطن أخر يدعى حمزة ما وصفه بـ« الكارتة »، حيث كتب يقول: « كارثة وتزوير.. كيفاه وزير داخلية تعينو مدير حملة انتخابية؟ نورمالمو وزراء يكونو محايدين باغي تهبلونا ولا كيفاه؟ حشمتونا احشمو علا رواحكم بزاف بزاف ».
أما المواطن بلال فقد استشاط غضبا من هذه القضية التي وصفها بـ« المخدومة » بالطريقة المعهودة للنظام، حيث كتب يقول: « لفار مخدومة قاع من دروق النظام زايدك عهدة ثانية باي طريقة. متعودين ربي يهديكم انشاء الله. كرهتونا في الجزاير لا عدالة لا مساواة عايشين فيها غير ولادكم وأهلكم والمسؤولين وجماعة الرند والجبهة والشياتة ونحن مامحلنا من الإعراب؟ إنشاء الله يا رب ربي يكشفكم في العهدة الثانية وطرطق فوق ريسانكم وتدخلو حبس الحراش كيما السابقين يارب العالمين. الجزاير عزيزة او كرهونا فبها ».
بدوره أعرب عادل عن سخطه قائلاً: « بالله عليكم على من تكذبون؟ هل سبق أن الرئيس في الجزائر منذ 1962 انتخب من طرف الشعب أو جاء عن صناديق الاقتراع؟ الحقيقة الرئيس يعين من طرف العسكر وانتهى الكلام »، قبل أن يستطرد مضيفا: « من يظن أن الرئيس في الجزائر ينتخب من طرف الشعب فهو يحتاج إلى طبيب بيطري... الرئيس يعين من طرف العسكر وانتهى الكلام. »
سخرية وانتقاد
لم تخفِ تعليقات أخرى سخريتها من الوضع القائم، حيث علق الطيبي قائلا: « أول مرة تحدث في التاريخ... وزير حالي يقوم بحملة انتخابية للرئيس الحالي! هذا ما يحدث في روسيا أيضًا، سوف يثور الشعب ضدكم يوما ما ولن تنجو... سوف ينتهي استبدادكم يوما ما ». في حين كتب موسى: « هذا لا يحدث إلا في الجزائر »، فيما رد عليه ياسين بتعليق ساخر يقول فيه: " وزير هه يعين مدير حملة!!! كاينة غي في الجزائر.. ووزير داخلية يعني كلشي مضمون ».
أما معتصم بالله فقد اعتبر الحكومة الحالية « أفشل حكومة حكمت الجزائر »، مشيرًا إلى « تدهور الدينار الجزائري وانهيار الاقتصاد وتراجع القدرة الشرائية »، وعلق فيصل بعده مزكيا ما أورده المعلق الذي سبقه، حيث قال: " أسوأ رئيس حكم الجزاير.. تعيين وزير داخلية لحملة انتخابية.. عمل غير دستوري ».
ولم يتوانَ البعض في مقارنة الوضع الحالي بفترة حكم عبد العزيز بوتفليقة (1999- 2019)، حيث كتب العربي: « على الشعب الجزائري أن يفهم بأن تبون كوّن عصابة أخطر من عصابة بوتسريقة (بوتفليقة) ». فيما تساءل مولود قائلا: « لماذا يتعب نفسه ويجري حملة انتخابية وهو يعلم أنه باقٍ في الرئاسة ».
إقرأ أيضا : الجزائر: القضاء يضع ثلاثة مرشحين تحت الرقابة القضائية بدعوى «الفساد الانتخابي»
استمرار الفساد
تدل هذه التعليقات على مدى الاستياء الشعبي من سياسات النظام الحالي وتكشف عن وعي جماهيري بالممارسات الفاسدة التي يقوم بها النظام لضمان بقائه في السلطة. هذا الاستياء ينبع من شعور عام بالإحباط والظلم تجاه حكومة تضع مصالحها الخاصة فوق مصالح الشعب، مما يثير التساؤلات حول مستقبل الجزائر في ظل هذا النظام.
إن تعيين وزير الداخلية إبراهيم مراد مديرًا لحملة تبون الانتخابية ليس سوى خطوة جديدة في سلسلة من الانتهاكات التي يقوم بها النظام العسكري في الجزائر. هذا النظام الذي يبدو أنه يفتقر إلى أي احترام لإرادة الشعب، يستمر في استغلال السلطة وموارد الدولة لتحقيق أهدافه الخاصة. وفي ظل هذا الوضع، لا بد من ترديد السؤال نفسه الذي يطرحه الشعب: ما فائدة تضييع المال والوقت في انتخابات محسومة النتيجة ولا يرجى من ورائها أي تغيير لصالح البلاد والعباد؟