رغم دعم العسكر والأحزاب والإعلام.. أزمة المياه في الجزائر تربك ترشح تبون للعهدة الثانية

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

في 14/06/2024 على الساعة 14:23

أربكت أزمة المياه التي تعيشها مناطق واسعة من الجزائر، حسابات الرئيس عبد المجيد تبون وأجبرته على تأجيل خطته للإعلان عن ترشحه للعهدة الثانية من مدينة تيزي وزو، عاصمة منطقة القبائل المنادية بالانفصال. وتأتي هذه الأزمة في وقت حرج بالنسبة لتبون، الذي يحظى بدعم قوي من الجيش وأحزاب الأغلبية ووسائل الإعلام الرسمية، ولكنه يواجه تحديات كبيرة من قبل منافسيه، من بينهم سيدة الأعمال سعيدة نغزة.

أرجأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خطته لإعلان الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية من أجل الاستمرار رئيسا للبلاد لخمس سنوات إضافية، التي كان من المتوقع أن تشهدها مدينة تيزي أوزو، وذلك في ظل الاحتجاجات التي تعرفها مجموعة من المناطق في شمال البلاد، نتيجة عجز السلطات عن التعامل مع أزمة المياه التي أخرجت الآلاف للاحتجاج على بعد 250 كيلومترا فقط من الجزائر العاصمة.

تأثير أزمة المياه على المشهد السياسي

أصبحت أزمة المياه في الجزائر مشكلة رئيسية تؤثر على القرار السياسي للرئيس تبون. فقد اندلعت احتجاجات واسعة في ولاية تيارت بسبب نقص المياه، مما جعل الحياة اليومية للآلاف من المواطنين صعبة بشكل لا يطاق، حيث يضطرون للوقوف في طوابير طويلة للحصول على حصص ضئيلة من الماء، على الرغم من وعود تبون بحل الأزمة في غضون 48 ساعة، إلا أن الوضع تفاقم واستمر لأكثر من شهر، مما أدى إلى زيادة الغضب الشعبي وتوجيه انتقادات لاذعة للنظام الحاكم في بلاد النفط والغاز.

دعم قوي من الجيش وأحزاب الأغلبية

في خضم هذه الأزمة، أعلن حزب جبهة التحرير الوطني، بقيادة الأمين العام عبد الكريم بن مبارك، دعمه الكامل للرئيس تبون لولاية ثانية. واعتبر بن مبارك أن العهدة الرئاسية الجديدة لتبون هي « مطلب حزبنا الرائد ومطلب المواطنين في ربوع الجزائر لتكريس الاستقرار واستكمال المسيرة ». وأشاد بـ« الإنجازات » التي حققها تبون منذ توليه الرئاسة في دجنبر 2019، مؤكداً على ضرورة « تحصين » هذه الإنجازات ضد « المتآمرين ».

كما أعلنت حركة البناء الوطني (فصيل الإخوان في الجزائر) دعمها لترشح تبون لولاية ثانية. وصرح رئيس الحركة عبد القادر بن قرينة أن المشاورات داخل الحركة أفضت إلى ترشيح تبون للعهدة الثانية، في خطوة تعكس التوافق بين الأحزاب الكبرى على دعم الرئيس الحالي.

مواجهة التحديات والانتقادات

من جهة أخرى، واجه تبون انتقادات شديدة من قبل منافسيه، أبرزهم سيدة الأعمال سعيدة نغزة، التي أعلنت ترشحها للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 7 شتنبر 2024.

نغزة، التي تمثل الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، انتقدت علانية « الفساد والانتهاكات الاقتصادية » في البلاد، مما أدى إلى استهدافها من قبل وسائل الإعلام الرسمية التي وصفتها بأنها « بعيدة عن الواقع ».

وانخرطت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، في نشر مقالات منحازة لعبد المجيد تبون، مرشح الكابرانات الأبرز للظفر بولاية رئاسية ثانية، ضد منافسته سعيدة نغزة التي شنت ضدها هجوما بسب انتقادها للنظام الحاكم.

وفي تصريحاتها، أكدت نغزة أنها تسعى لـ »تغيير الذهنيات وبناء مستقبل أفضل للجزائر »، مشيرة إلى أنها لن تتراجع عن خوض المعارك المتعلقة بمستقبل البلاد.

وسبق أن وجهت نغزة رسالة شديدة اللهجة لتبون تنتقد فيها سياسات الحكومة، ما جر عليها حملة تشويه من قبل وسائل الإعلام الموالية للنظام، بما في ذلك وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية. هذه الحملة دفعتها إلى مغادرة البلاد إلى فرنسا، إلا أنها تبقى منافسًا قويًا في الانتخابات المقبلة.

يذكر أن سيدة الأعمال، سعيدة نغزة تعتبر ثالث سيدة تعلن ترشحها للانتخابات الرئاسية الجزائرية، بعد كل من زعيمة حزب العمال لويزة حنون، والمحامية زبيدة عسول، وذلك من أصل خمسة مترشحين، يوجد من بينهم كذلك رئيس حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني، والكاتب الأول لجبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش، في انتظار إعلان عبد المجيد تبون، ترشحه هو الآخر، مباشرة بعد نهاية ولايته، بمباركة من العسكر الجزائري.

تبون في مواجهة تحديات متعددة

على الرغم من أن الرئيس عبد المجيد تبون يحظى بدعم قوي من الجيش وأحزاب الأغلبية، إلا أن الأزمات الداخلية التي تتخبط فيها البلاد، آخرها أزمة المياه في تيارت، وتحديات المنافسة الشرسة من قبل شخصيات مثل سعيدة نغزة، تضيف تعقيدات إلى مشواره نحو ولاية ثانية. في ظل هذه الظروف، تبقى الانتخابات الرئاسية المقبلة في الجزائر مشهداً سياسياً مليئاً بالتحديات والتوترات.

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 14/06/2024 على الساعة 14:23