بينما ما تزال « السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات » تتلقى طلبات إيداع التصاريح بالترشح لرئاسيات الجزائر (إلى غاية منتصف ليلة الخميس 18 يوليوز 2024)، وحتى قبل أن يحسم القضاء في قبولها أو رفضها، شرعت وسائل الإعلام الرسمية الجزائرية في حملة دعائية لفائدة الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون. حيث بثت تقارير وربورتاجات واستطلاعات رأي توجه الناخبين الجزائريين إلى التصويت لصالح « عمي تبون » كما ينادونه.
قناة « النهار تي في »، على سبيل المثال، بثت مقاطع فيديو تتضمن آراء موجهة واستطلاعات رأي تسائل الشارع الجزائري حول « المرشح الأفضل » ضمن المرشحين البالغ عددهم 35 حسب القناة نفسها. ودون أن يترك المذيع المجال للمواطن الماثل أمام الكاميرا لكي يفكر فإنه يباغته بالسؤال حول رأيه في « إنجازات عمي تبون » خلال العهدة الأولى.
وعن وعي أو دونه، فقد كشفت إجابات المواطنين حول انتظاراتهم من « عمي تبون » خلال العهدة الثانية، أن الرئيس المنتهية ولايته « لم يقدم لهم شيئا » خلال السنوات الخمس الماضية، حيث تركزت مطالب المواطنين حول مطلب واحد هو « تشغيل الشباب لإنقاذهم من الضياع »، وهو مطلب يبدو بعيد المنال في ظل سيطرة الشيوخ والعجزة على سدة الحكم.
إقرأ أيضا : هدية تبون للجزائريين في نهاية عهدته الأولى: عسكرة المؤسسات والإدارات المدنية
سخرية من منافسي تبون
وفي مقابل الداعية المبالغ فيها لـ »عمي تبون »، خصصت قناة « النهار » سلسلة ربورتاجات للسخرية من أبرز المرشحين المنافسين له حتى الآن، وهو المحامي أحمد فريد عبورة. فقد انتقدت القناة بطريقة تهريجية وعوده الانتخابية ورؤيته كمرشح مستقل يحلم ببناء « جزائر جديدة قوية علمياً واقتصادياً، وأكثر ديمقراطية، وأكثر حرية، وأكثر عدالة ورعاية اجتماعية، وشعب موحد وراء رئيسه من أجل وطن متماسك ».
أرانب سباق
يسابق المرشحون للانتخابات الرئاسية الجزائرية الزمن من أجل استيفاء الشروط المطلوبة للترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، ومنها جمع 50 ألف توقيع فردي، أو 600 توقيع منتخب، قبل حلول منتصف ليل يوم الخميس 18 يوليوز 2024.
ويكثف الراغبون في كرسي «قصر المرادية» من مجهوداتهم لإقناع المسجّلين على اللائحة الانتخابية، الذين يفوق عددهم 23 مليوناً، لملء استمارة اكتتاب التوقيعات؛ لإيداعها مع ملف الترشح بـ«السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات»، المكلّفة قانوناً بدراسة هذه الملفات، ومدى مطابقتها مع شروط الترشح الواردة في قانون الانتخابات والدستور.
إقرأ أيضا : من أجل إعادة انتخابه على رأس الجزائر.. أكاذيب تبون تجتاح البلاد بأكلمها
وبينما تشكل هذه الشروط عقبة أمام أغلب المرشحين، لا يبدو أن مرشح العسكر، الرئيس المنتهية ولايته، سيجد صعوبة في جمع التوقيعات المطلوبة، بالنظر إلى الحشد الكبير الذي حظي به من طرف الأحزاب والمجتمع المدني والإعلام، وهو الدعم الذي تذرع به تبون واعتبره « تكليفا » يدفعه ليترشح لعهدة ثانية لم يكن يرغب فيها.
ثقة المواطنين في العملية الانتخابية
ليس مفاجئاً أن تنحاز وسائل الإعلام الجزائرية لصالح العسكر، الحاكم الفعلي في بلاد تدعي احترامها للديمقراطية وحرية الرأي والتعبير. هذا التحيز يضعف من ثقة المواطنين في نزاهة العملية الانتخابية ويزيد من شكوكهم حول مدى تحقيق الديمقراطية الحقيقية في الجزائر.
مع استمرار هذا التحيز الإعلامي، يبدو أن المشهد السياسي في الجزائر مقبل على فترة من عدم الاستقرار، حيث سيواجه المرشحون المستقلون والذين لا يحظون بدعم العسكر تحديات كبيرة في إيصال رسالتهم إلى الناخبين. ومع اقتراب موعد الانتخابات، ستزداد حدة التوترات السياسية في بلاد تعيش على الكثير من الأزمات على شتى الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.