وقال العديد من الخبراء الأمميين، يوم الاثنين 30 شتنبر، في رسالة طالبوا فيها محكمة الاستئناف الجزائرية بإلغاء الحكم الصادر ضد شاعرة الحراك جميلة بن طويس، المعتقلة منذ عدة أشهر في سجن كوليا، استنادا إلى تهم زائفة. وتعتبر هذه الدعوة التي تضع النظام الجزائري في موقف محرج أمام المجتمع الدولي، صادرة عن أربعة مقررين خاصين تابعين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهم مكلفون على التوالي بحقوق الثقافة، حرية الرأي والتعبير، حقوق التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات، وتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب.
يستنكر هؤلاء الخبراء الظلم الفادح الذي تتعرض له جميلة بن طويس. فقد تم اعتقالها في 25 فبراير 2024 بمطار الجزائر، حيث كانت عائدة من باريس لزيارة والدتها التي كانت على فراش الموت، والتي توفيت بعد ساعات قليلة من وصولها. وفي 4 يوليوز الماضي، تم الحكم عليها بالسجن لمدة عامين بتهمة « الانتماء إلى منظمة إرهابية ». وجريمتها؟ كتابة أغاني وطنية رددها متظاهرو الحراك، وتلحين أغنية « يسقط حكم العسكر » التي تم أداؤها خلال مسيرة للحراك في فرنسا عام 2021، في أعقاب مقتل مئات الأشخاص في حرائق بمنطقة القبائل.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت محكمة الاستئناف الجزائرية قد نظرت يوم الأربعاء 2 أكتوبر في قضية جميلة بن طويس، المولودة في الشلف عام 1963، والتي تعمل قابلة، وأم لثلاثة أطفال، وقد هاجرت إلى فرنسا في التسعينيات حيث حصلت على الجنسية. هذه القضية، التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة ولكن تم تجاهلها من قبل الصحافة الجزائرية، تعد ضربة جديدة للنظام الجزائري. فمن جهة، تدافع رسالة الخبراء الأمميين بوضوح عن شرعية مظاهرات الحراك الشعبي وتنتقد عدم قانونية الإجراءات التي يتخذها النظام ضده. وقال المقررون الأمميون: « نشعر بالاشمئزاز من ممارسات الحكومة التي تسعى إلى إسكات حركة احتجاج سياسي من خلال اعتقال واحتجاز أشخاص يعبرون عن آرائهم ».
إقرأ أيضا : ضجة في الجزائر بعد إدانة ناشطة بتهمة «الإرهاب» بسبب أغنية تنتقد حكم العسكر
ومن جهة أخرى، تتهم الرسالة النظام الجزائري علنا بإساءة استخدام المادة 87 مكرر من قانون العقوبات لاتهام معارضيه بالإرهاب وترهيب بقية الجزائريين. وتقول الرسالة: « عندما تتم إدانة فنانة تعبر عن قضايا عامة بتهمة نشر أخبار كاذبة أو مغرضة تهدد الأمن أو النظام العام، فإن التأثير الرادع على عامة السكان يصبح واضحا ». وتضيف الرسالة أن « ملاحقة السيدة بن طويس بتهمة الإرهاب استنادا إلى المادة 87 مكرر وغيرها من الجرائم المتعلقة بالأمن الوطني في قانون العقوبات يمكن أن يضر بحرية التعبير وتكوين الجمعيات في الجزائر بشكل أعم ».
إقرأ أيضا : قمع سياسي وتصعيد ضد المعارضين: كيف يستخدم النظام الجزائري نظرية المؤامرة لضمان بقائه؟
ومن الواضح إذن أن الخبراء الأمميين، الذين وصفوا التهم الموجهة استنادا إلى المادة 87 مكرر بأنها « مخالفة للقانون الدولي »، يطالبون بالإفراج عن جميع نشطاء الحراك المحتجزين حاليا، لأنهم أدينوا لمجرد ممارستهم لحقهم في حرية التعبير، الذي تكفله القوانين الوطنية والدولية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي ينتقد فيها خبراء ومقررو مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة النظام الجزائري. ففي رسالة سابقة بتاريخ 16 يناير 2023، تناولوا قضية الصحفي إحسان القاضي، متهمين النظام بمضايقته منذ اندلاع الحراك الشعبي، قبل أن يتم اعتقاله في دجنبر 2022 وإغلاق مجموعته الإعلامية (راديو إم ومغرب إيمرجنت) بعد بضعة أشهر، والحكم عليه بالسجن لمدة 7 سنوات، منها 5 سنوات نافذة.
وفقا لمعلومات نشرتها صحيفة لا كروا الفرنسية في عددها الصادر في 29 شتنبر الماضي، فإن إحسان القاضي قد تم تخفيف عقوبته بالسجن بهدوء إلى 3 سنوات من قبل الرئيس الجزائري في 4 يوليوز الماضي، وربما يستفيد من عفو أو إطلاق سراح مشروط في 1 نونبر المقبل. وفي شتنبر 2023، قامت بعثة أخرى من مقرري الأمم المتحدة بزيارة الجزائر للتعبير عن « مخاوفهم بشأن القمع المستمر وترهيب الأشخاص والجمعيات المنتقدة للحكومة، بما في ذلك حركة الحراك ». وقد وجهت توصيات إلى القضاء الجزائري لــ »التخلي عن الملاحقات القضائية والعفو عن الأشخاص المدانين لممارسة حقوقهم المشروعة ».