لم يشهد يوم الاقتراع حدثا أبرز من مما خلقته إطلالة « السيدة الأولى » في الجزائر، وهي تدلي بصوتها لصالح حرمها عبد المجيد تبون. فقد ظهرت فاطمة الزهراء بلة وسط اهتمام إعلامي ملحوظ. لكن الاهتمام لم يكن متعلقا بما فعلت، بل بالحقيبة التي تأبطتها، والتي سرعان ما أصبحت محور نقاشات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
لم يكتفِ الجزائريون بالنظر إلى الصور التي انتشرت بسرعة، بل بدأوا في البحث عن تفاصيل أكثر حول سعر وماركة هذه الحقيبة التي تبيّن أنها من صنع الشركة الإيطالية الشهيرة « سلفاتوري فيراغامو »، وسعرها يبلغ نحو 930 يورو، أي ما يعادل حوالي 23 مليون سنتيم بالعملة المحلية.
الانتقادات التي طالت هذه الحقيبة لم تقتصر على السعر الفاحش، بل تجاوزتها إلى اعتبارها رمزا للفجوة الواسعة بين حياة الطبقة الحاكمة والمواطن العادي الذي يكافح يوميا لمواجهة تحديات الحياة، من طوابير المواد الأساسية إلى أزمة المياه وغلاء المعيشة.
السخرية سرعان ما وجدت طريقها إلى التعليقات، حيث استغل رواد مواقع التواصل الاجتماعي الفرصة للحديث عن الفارق الشاسع بين حياة المواطنين اليومية وصعوباتهم الاقتصادية وبين رفاهية « السيدة الأولى ».
وبينما يعيش المواطنون مع أزمات الغلاء والطوابير وانقطاع المياه، تحول هذا الحدث إلى متنفس للسخرية السوداء، حيث أطلق كل معلق ومعلقة العنان للحديث عن كرم الرئيس مع زوجته، حيث يمنحها –حسبهم- مقابل ما يشتغل من أجله المواطن البسيط لأعوام من العمل الشاق لكي يشتري به « قبر الحياة »، بينما تنفقه هي في شراء أكسسوار واحد!
وعلى الرغم من أن النظام العسكري لجأ إلى عدة أساليب لدفع الناخبين إلى المشاركة والتصويت، وآخر هاته الأساليب منع كل ما من شأنه أن يشغل الناخبين عن التصويت خلال يوم الاقتراع، إلا أن تلك الأساليب لم تجد نفعا أمام اللامبالاة الشعبية الواسعة تجاه الانتخابات. لكن يبدو أن حقيبة حرم الرئيس قد خطفت الأنظار وشغلت الجزائريين عن التصويت، لتحل محل القضايا السياسية والاجتماعية على قائمة اهتماماتهم.
هذه الواقعة، التي قد تبدو عابرة، تسلط الضوء على أزمة عميقة تعيشها الجزائر، حيث تتزايد الفجوة بين الحاكم والمحكوم، ويعاني المواطنون في ظل سياسات نظام عسكري بعيد عن همومهم اليومية.