السلطات الجزائرية تواجه احتجاجات التلاميذ بالقمع والطرد: أزمة تعليمية تكشف سلطوية النظام

وقفة احتجاجية سابقة لتلاميذ بالجزائر

في 24/01/2025 على الساعة 12:29

فيديولم تفلح الإجراءات الترقيعية التي اتخذتها الحكومة الجزائرية، على مضض، من أجل احتواء غضب تلاميذ الثانويات، الذين يواصلون احتجاجاتهم لليوم الخامس على التوالي، ما دفع بالسلطات إلى اللجوء إلى الوسيلة التي لا تتقن غيرها، وهي القمع والتهديد بطرد التلاميذ المضربين عن الدراسة.


لليوم الخامس على التوالي، يواصل تلاميذ الثانويات في الجزائر احتجاجاتهم العارمة ضد تردي الأوضاع التعليمية، في مشهد يعكس حجم الغضب الذي يعتمل داخل قطاع التعليم. وبدلا من الاستجابة للمطالب المشروعة بإصلاح النظام التربوي، لجأت السلطات الجزائرية إلى القمع والتهديد بطرد التلاميذ المحتجين، في خطوة تكشف الوجه الحقيقي لذهنية سلطوية ترى في كل صوت معارض تهديدا ينبغي إسكاته.

عقوبات تأديبية لإخماد أصوات التلاميذ

رغم المحاولات السطحية لاحتواء الأزمة، مثل إعلان تقليص عدد ساعات الدروس، جاءت الأوامر الإدارية الصادرة عن وزارة التربية الوطنية لتطبيق عقوبات تأديبية قاسية بحق التلاميذ المشاركين في الإضراب. هذه الخطوة لم تُفسر سوى كمسعى لإرهاب التلاميذ وكسر إرادتهم، ما أثار موجة استياء عارمة بين التلاميذ وأولياء أمورهم.

وأثار لجوء السلطات الجزائرية إلى استخدام القمع ضد التلاميذ المحتجين على تردي الأوضاع التعليمية جدلا واسعا في الأوساط الحقوقية والسياسية والإعلامية.

حفناوي غول، إعلامي جزائري من الجلفة، انتقد بشدة سياسة القمع، حيث قال في تصريح لقناة « المغاربية » إن « الدعوة إلى قمع التلاميذ والتحريض عليهم أمر خطير مهما كان السبب. لا يمكن أن نوافق على هذه الإجراءات، لأنها تؤدي إلى كارثة تربوية، والحل يكمن في جلسات وطنية لإصلاح النظام التعليمي ».

من جهة أخرى، عبّرت أحزاب سياسية معارضة، مثل حركة مجتمع السلم، عن قلقها من تصعيد السلطات ضد التلاميذ، معتبرة أن هذه السياسة تُفاقم الأزمة بدلا من معالجتها، ودعت إلى تبني إصلاحات تربوية جدّية عبر الحوار والتشاور مع مختلف الأطراف المعنية.

في السياق ذاته، أشارت تقارير إعلامية إلى أن هذه الخطوة أدت إلى استياء كبير بين أولياء الأمور، الذين رأوا أن الحلول القمعية تزيد من تفاقم المشكلات التعليمية بدلا من احتواء الوضع.

ويعكس هذا الجدل حالة الاستياء العام في الجزائر، حيث ترى شريحة واسعة أن معالجة مطالب التلاميذ تستوجب سياسات إصلاحية جادة بدلا من اللجوء إلى القمع وإسكات الأصوات المعارضة.

ردود حكومية باهتة ومتناقضة

في أول تعليق رسمي على الاحتجاجات، حاول وزير التربية الوطنية، محمد صغير سعداوي، احتواء الموقف بوعود «إصلاحية» أبرزها تشكيل لجنة وطنية لإعادة النظر في المناهج الدراسية وبرامج التعليم. لكنه في الوقت ذاته برر منع الدروس الخصوصية المثيرة للجدل، مؤكدا أن السلطات ستعمل على تنظيمها بدل إلغائها.

تصريحات الوزير، التي أتت في سياق زيارة ميدانية إلى تندوف، لم تقنع التلاميذ الغاضبين، الذين واصلوا مطالبتهم بإصلاح جذري وشامل للنظام التعليمي.

من جهة أخرى، شككت السلطات في وجود « أطراف محرضة » وراء دعوات التظاهر، متهمة جهات مستفيدة من الدروس الخصوصية باستغلال الأزمة.

سياسة إسكات الأجيال

إن لجوء النظام الجزائري إلى القمع والطرد يعكس خوفه من جيل شاب واعٍ يسعى للحصول على تعليم أفضل ومستقبل أرحب. وبدلا من أن تُفتح قنوات الحوار مع التلاميذ، تصر السلطات على خنق الأصوات المعارضة، في خطوة تؤكد سياسة «إسكات الأجيال» التي تنتهجها السلطة.

ما يحدث في الجزائر اليوم ليس مجرد أزمة تعليمية، بل مؤشر خطير على تآكل الثقة بين الشعب والنظام، حيث يُنظر إلى أصوات التلاميذ المطالبة بالإصلاح على أنها تهديد للنظام بدلا من كونها فرصة لتطوير البلاد. فإلى متى يستمر هذا النهج القمعي؟ وهل تستطيع السلطات احتواء الغضب المتصاعد قبل أن يتحول إلى أزمة أوسع نطاقا؟

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 24/01/2025 على الساعة 12:29