الجزائر: منع المهرجانات خوفا من اندلاع المظاهرات ضد ترشح تبون لولاية رئاسية ثانية

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال إعلانه ترشّحه لولاية ثانية، يوم الخميس 11 يوليوز 2024

في 14/07/2024 على الساعة 15:42

بعد ساعات فقط من إعلان عبد المجيد تبون عن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يوم 7 شتنبر 2024، سارع وزير الثقافة الجزائري إلى منع كل المهرجانات المبرمجة هذا الصيف عبر التراب الجزائري. لا يوجد في الواقع تحت الذريعة الزائفة للتضامن مع غزة سوى سبب واحد، وهو أن النظام مذعور ويخشى رؤية الشارع وهو يندد بالمهزلة الانتخابية الجديدة.

يقول المثل: «الدول لها جيش، أما في الجزائر، فالجيش هو الذي لديه بلد». ولم يتم تأكيد هذا القول المأثور بقوة كما هو الحال في «الجزائر الجديدة» لعشائر توفيق وشنقريحة ودميتهما الرئيس «المرشح» عبد المجيد تبون. فهذا الجيش يأمر الجزائريين بالبقاء في منازلهم هذا الصيف.

بأوامر من الجيش ومختلف أجهزة المخابرات التابعة له، أعلنت وزارة الثقافة والفنون الجزائرية، يوم الجمعة 12 يوليوز، حظر «جميع المهرجانات الفنية الكبرى المقررة هذا الصيف». والسبب الذي تم تقديمه لتبرير هذا الحظر في اللحظة الأخيرة ليس سوى ما يسمى بـ «التضامن مع غزة».

وأوضحت وزارة الثقافة الجزائرية، في بلاغ رسمي، أن قرار منع المهرجانات هذا الصيف اتخذ «انطلاقا من موقف الجزائر الريادي والثابت المناصر والداعم للقضية الفلسطينية... وانسجاما مع جهود الدولة الجزائرية وفي مقدمتها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لنصرة الشعب الفلسطيني المضطهد في أرضه»!

كما تقع جميع الأنشطة الثقافية والفكرية الأخرى في الجزائر تحت هذا المنع بهدف «تكييفها»، حسب ما يؤكده بلاغ وزارة الثقافة بالجارة الشرقية، «مع الموقف التضامني المناصر للقضية الفلسطينية».

ولذلك يبدو أنه كلما تم الدوس على حرية التعبير في الجزائر، كلما أصبحت الأخيرة «بطلة بلا منازع في دعم فلسطين».

وفي الواقع، لا يزال الغضب الشديد الذي أبداه الجزائريون، الذين خرجوا بشكل عفوي في فبراير 2019 في مظاهرات حاشدة في جميع مدن البلاد الكبرى رفضا للولاية الرئاسية الخامسة لعبد العزيز بوتفليقة، حاضرا في الأذهان.

صحيح أنه بصرف النظر عن مظاهرات العطش العنيفة التي شهدتها تيارت في يونيو الماضي، فإن مظاهرات الحراك ظلت متوقفة منذ يونيو 2021، بعد رد الفعل الإجرامي للنظام الذي قام من أجل ترهيب المتظاهرين بإشعال النار عمدا في الغابات المجاورة للمدن الرئيسية في منطقة القبائل، وخاصة تيزي وزو، التي سجلت مئات القتلى حرقا أو اختناقا، خلال صيف 2021. النظام الجزائري غير مطمئن: فهو لا يزال يخشى اندلاع مظاهرات واسعة النطاق مجددا.

خاصة وأن الجنرالات الذين ساهموا في الجرائم التي حدثت في الجزائر خلال العشرية السوداء، وتسببوا في مقتل نحو 250 ألف شخص واختفاء نحو 7000 آخرين، استعادوا مقاليد السلطة التي أزيحوا عنها من 2015 إلى 2020، وهي الفترة التي اندلع خلالها الحراك وهز أسس السلطة العسكرية في الجزائر.

لذلك، فإن هذا النظام يتذكر دائما أن الحراك اندلع بسبب الولاية الخامسة لرئيس أنهكه المرض وفقد كل قدراته البدنية والعقلية. وبسبب دخوله المستشفى لمدة طويلة في ألمانيا، وبسبب ثرثرته المثيرة للقلق وأكاذيبه المفرطة التي أصبحت مثار سخرية في العالم كله. تبون (البالغ من العمر 79 عاما والتي سيكملها في نونبر المقبل) يحمل اليوم العلامات «السريرية» نفهسا التي أدت إلى «عزل» سلفه.

كما يأتي تعليق جميع المهرجانات الصيفية في الجزائر بعد 48 ساعة فقط من جس النظام الجزائري نبض الرأي العام من خلال زيارة تبون التجريبية إلى تيزي وزو، حيث تجاهله السكان المحليون تماما.

لقد خابت حسابات تبون، الذي كان يعول على استقبال شعبي، مرادفا لاكتساب الشرعية، بهدف إعلان ترشحه لولاية رئاسية ثانية انطلاقا من تيزي وزو.

بعد الإذلال الذي تعرض له من خلال المقاطعة الكبيرة المسجلة في عاصمة منطقة القبائل، اختار تبون بمرارة أن يعلن، بمفرده ومن قصر المرادية، أنه ينوي الترشح لولاية ثانية.

وبالإضافة إلى هذا الإعلان الذي لم يثر اهتمام الجزائريين، لا يزال النظام الجزائري يشعر بالذعر من احتمال مقاطعة واسعة النطاق لانتخابات شتنبر المقبل.

بعد رفضه من قبل تيزي وزو، تلقى تبون ضربة قاسية جديدة يوم السبت 13 يوليوز 2024، وجهتها هذه المرة لويزة حنون، التي أراد أن يجعلها أرنبا في السباق الرئاسي. ولم تسحب الأمينة العامة لحزب العمال ترشيحها للانتخابات الرئاسية فحسب، بل أعلنت بالفعل أن حزبها سيدعو إلى مقاطعتها.

والسبب هو الانحراف الاستبدادي للنظام الجزائري الذي، بسبب خوفه من عودة المظاهرات، أصدر في 6 ماي الماضي، قانون العقوبات المعدل الجديد، وهو التشريع الأكثر قمعا للحرية في العالم، بإدخال مجموعة من المتقضيات القمعية تحسبا للانتخابات الرئاسية في شتنبر 2024. فبالإضافة إلى حظر حرية التعبير على شبكات التواصل الاجتماعي، يجرم هذا القانون المعدل أيضا الأنشطة المتعلقة بالدعاية الانتخابية. فالمادة 96 من قانون العقوبات الجديد تنص على أنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى 5 سنوات وبغرامة من 100 ألف إلى 500 ألف دينار من يوزع أو يضع للبيع أو يعرض لأنظار الجمهور، أو يحوز بقصد التوزيع أو البيع أو العرض بغرض الدعاية، منشورات أو نشرات أو أوراقا أو أشرطة فيديو أو تسجيلات صوتية من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية».

مما لا شك فيه أن النظام الجزائري نجح بالفعل في تحويل البلاد إلى سجن كبير، ولكن لا يبدو أنه مرتاح. إن توالي اتخاذ الإجراءات القمعية يؤكد أن النظام يحارب الشعب من أجل بقائه….

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 14/07/2024 على الساعة 15:42