بعيدا عن الجزائر.. قريبا من تل أبيب: الصفعة التي وجهتها تونس لعرابها الجزائري بالأمم المتحدة

Le président tunisien Kaïs Saïed et son homologue algérien Abdelmadjid Tebboune.

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والرئيس التونسي قيس السعيد

في 28/10/2023 على الساعة 16:38

بعيدا عن خطابات القومية العربية الحماسية للرئيس قيس سعيد والتبعية لـ »الأخ الأكبر » الجزائري، اختارت تونس الامتناع عن التصويت، خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي انعقد أمس الجمعة، على القرار المتعلق بـ »هدنة إنسانية فورية » في غزة. تصويت مفاجئ يتعارض مع نزعة الهيمنة للسلطة الجزائرية التي أصبحت أضحوكة. زلزال في الأفق.

القرار مثير للدهشة ويناقض الخطاب السائد في تونس، التي يرأسها قيس سعيد الذي يبرع في الإكثار من الكلام وإلقاء خطب تمجد إيديولوجية القومية العربية التي عفى عنها الزمن والمفعمة بكراهية صريحة لإسرائيل. كما أنه يتناقض مع نزعة الهيمنة للسلطة الجزائرية التي تعتقد أنها أخضعت « أخاها الأصغر » إلى الأبد.

وهكذا، بالأمس، الجمعة 27 أكتوبر، وفي اليوم الحادي والعشرين من الحرب بين إسرائيل وحماس، طالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية كبيرة، بـ »هدنة إنسانية فورية ». حصل القرار غير الملزم على 120 صوتا مقابل 14 صوتا وامتناع 45 عن التصويت، من 193 دولة عضو في الأمم المتحدة. مبادرة الأردن، انضمت إليها جميع الدول العربية، من بينها المغرب وباستثناء دولتين هما العراق وتونس، اللتين امتنعتا عن التصويت. وكان موقف تونس على وجه الخصوص هو الذي فاجأ أكثر من شخص. لا سيما في الجزائر، التي صوتت لصالح هذا القرار والتي اعتبرت اصطفاف تونس مع سياستها الخارجية أمرا محسوما فيه.

ومن الناحية التقنية، فإن الامتناع عن التصويت (الخيار الذي اتخذته دول مثل ألمانيا أو إيطاليا أو اليابان أو كندا) أو الرفض (كما كانت الحال بالنسبة للولايات المتحدة) يخدم إسرائيل. وقد وصف السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، القرار والتصويت الذي أعقبه على الفور بـ« العار ».

وقال: « إنه يوم أسود للأمم المتحدة وللإنسانية »، مؤكدا أن إسرائيل ستواصل استخدام « كل الوسائل » المتاحة لها « لتخليص العالم من الشر الذي تمثله حماس » و »إعادة الرهائن إلى ديارهم ».

وهذا التصويت يزكي تصريحات عبد القادر بن قرينة، إسلامي النظام الجزائري، والوزير السابق، ورئيس حركة البناء، وقبل كل شيء، المتحدث غير الرسمي باسم قصر المرادية. فقد أكد يوم السبت 12 غشت الماضي أن تونس ستقوم بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل. وأعلن أن « تونس ستقوم بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل وأنا أعرف ما أقول ». وأضاف أن التطبيع بين إسرائيل وتونس سيتم « قريبا، بل وقريبا جدا »، منبها إلى زيارة أخيرة لتونس « لشراء التطبيع ». وهو يلمح هنا إلى زيارة الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، عضو مجلس الوزراء ووزير الدولة لدولة الإمارات العربية المتحدة، إلى تونس، والتي استقبل خلالها من الرئيس التونسي قيس سعيد.

وتابع بن قرينة قائلا إنه إذا انضمت تونس إلى جبهة التطبيع، فإن « الجزائر ستكون محاطة بالتهديد الإسرائيلي ». إن امتناع تونس عن التصويت في الأمم المتحدة يكشف أيضا، على الرغم من الخطابات والإنكار الخجول، عن تقارب واضح بين تونس وإسرائيل. هل هو مقدمة للتطبيع الحتمي؟ تتصرف تونس وفق مصالحها الخاصة والمشروعة، وتسعى عمليا إلى الاستقلال عن إملاءات جارتها الجزائر التي أصبحت في نهاية المطاف أضحوكة.

هناك عدة تفسيرات محتملة لذلك، كما يحلل محمد بودن، المحلل السياسي والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط. « ما بين رغبة تونس في إظهار عدم موافقتها على احتمال عدم التوازن في نص القرار، أو على العكس من ذلك، رغبتها في تأكيد ما تم تداوله مؤخرا بشأن شكل من أشكال تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، كل التفسيرات هنا ممكنة ». هناك شيء واحد مؤكد: لقد اتخذت تونس وجهة نظر معاكسة للنظام الجزائري. سيادة تونس تعززت بشكل كبير بعد تعيين رئيس جديد للدبلوماسية في 7 فبراير، نبيل عمار، بدلا من عثمان الجرندي، الذي كان مساندا للأطروحات الجزائرية والذي تمت إقالته على خلفية قضية أمينة بوراوي؟

يبقى أن نعرف كيف سيكون رد فعل النظام الجزائري، الذي يعتقد أنه وضع تونس تحت سيطرته. هذا النظام الذي اتخذت ديبلوماسيته مواقف متخاذلة بشأن الوضع في فلسطين، من خلال مقاطعة قمة مهمة السلام في القاهرة ومقاطعة خطاب رئيس الاتحاد البرلماني الدولي والتعيير عن تحفظاته بخصوص البيان الختامي للاجتماع العربي الطارئ بشأن الوضع في فلسطين وانتقاد الاجتماع الاستثنائي للجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي. إنها استقالة تكشف عن دبلوماسية كانت نشطة في الماضي، ولكنها الآن مجرد ظل لما كانت عليه من قبل. لأن هذه المواقف المتقلبة والمزاجية تعكس قبل كل شيء عجز وعدم كفاءة نظام يسير على غير هدى، بما في ذلك على الساحة الدولية.

خوفا من الانتقام أو من باب المصلحة، تغازل تونس الجزائر، ولكن فقط عندما يتعلق الأمر بالأقوال غير الملزمة. على المستوى الرمزي، كانت الزيارة الأولى للوزير الأول التونسي الجديد أحمد الحشاني، الذي تم تعيينه يوم الثلاثاء فاتح غشت 2023 ليحل محل نجلاء بودن، إلى الجزائر. وعلى المستوى السياسي، القصة مختلفة بكل تأكيد. والجزائر لا يمكنها فعل أي شيء حيال ذلك.

ويختم محمد بودن تحليله قائلا: «في الوقت الحالي، تتمتع الجزائر بهامش مناورة محدود للغاية، حيث أن البلاد معزولة دوليا ولها تأثير ضئيل جدا في المنطقة. وتونس، من خلال العلاقات السياسية والأمنية التي توحد البلدين، تشكل دعما استراتيجيا قويا للسلطة الجزائرية، وبالتالي لديها العديد من الأوراق التي يمكن أن تلعبها، مما يؤثر على قدرة النظام الجار على الرد. أكيد أن الجزائر تستطيع استعمال ورقة الحدود، لا سيما للحد من تدفق سياحها أو وقفه. كما يمكنها مراجعة مساعداتها المالية. لكن في الوقت الحالي، هذا غير مرجح وتونس تعرف ذلك».

********************************

زوارنا الكرام، ندعوكم إلى متابعتنا عبر قناتنا على تطبيق التراسل الفوري «واتساب»، وذلك للاطلاع على آخر الأخبار ومواكبة مستجدات الساحة الوطنية والدولية.

الرابط : https://bitly.ws/YFJp

تحرير من طرف طارق قطاب
في 28/10/2023 على الساعة 16:38