مراسل رياضي جاء لتغطية مباراة كرة القدم.. قضاء الجزائر يدين صحافيا فرنسيا بالسجن 7 سنوات بتهمة «الإشادة بالإرهاب»

الصحافي الفرنسي كريستوف غليز

في 03/12/2025 على الساعة 18:32

في تطور جديد يعمق الجدل المتصاعد حول محاكمة القضاء الجزائري للصحافي الفرنسي كريستوف غليز، أيدت محكمة الاستئناف في تيزي وزو، اليوم الأربعاء 3 دجنبر، الحكم الابتدائي الصادر في حقه والقاضي بسجنه سبع سنوات بتهمة «الإشادة بالإرهاب». القرار جاء رغم آمال الدفاع ومطالب منظمات دولية بإنصاف صحافي رياضي وجد نفسه في مواجهة تهم ثقيلة، بعدما كان هدفه إنجاز ربورتاج حول نادي شبيبة القبائل.

أيد القضاء الجزائري، مساء الأربعاء، حكما بالسجن سبع سنوات على الصحافي الفرنسي كريستوف غليز.

ومثل الصحافي الرياضي الفرنسي كريستوف غليز، أمام جلسة حوكم فيها كما لو كان معارضا سياسيا، لا مراسلا جاء لتغطية شأن رياضي، في مشهد يكشف حجم التوجس الذي بات يطبع علاقة النظام الجزائري بالعمل الصحافي. فقد طالبت النيابة العامة برفع العقوبة من سبع إلى عشر سنوات سجنا، في خطوة عكست تشددا لافتا تجاه ملف أثار منذ بدايته انتقادات واسعة داخل وخارج الجزائر.

وقال ممثل النيابة العامة إن «المتهم لم يأتِ إلى الجزائر لأداء عمل صحافي بل (لارتكاب) فعل عدائي»، كما طالب بفرض غرامة قدرها 500 ألف دينار (حوالي 3300 يورو) عليه.

تغطية رياضية تحولت الى قضية أمن دولة

في ماي من عام 2024، حل الصحافي الفرنسي كريستوف غليز (36 سنة)، الذي يعمل لصالح مجلتي «سو فوت» و«سوسايتي» الفرنسيتين، بالجزائر من أجل إنجاز ربورتاج حول نادي شبيبة القبائل، أحد أعرق الأندية الجزائرية.

غير أن مهمة صحافية كان يُفترض أن تكون عادية تحولت بسرعة إلى قضية أمن دولة، بعدما أوقف في 28 مايو ووُضع تحت الرقابة القضائية، قبل أن تتم إدانته في يونيو 2025 بالسجن سبع سنوات بتهم ثقيلة: «تمجيد الإرهاب» و«حيازة منشورات بهدف الدعاية التي تضر بالمصلحة الوطنية»، إضافة إلى دخوله البلاد بتأشيرة سياحية.

عدم فهم تام لمهنة الصحافي

من بين النقاط التي استندت إليها النيابة: اتصال غليز بأحد مسيري شبيبة القبائل، الذي تتهمه السلطات بالانتماء إلى حركة «الماك» المصنفة من طرف النظام الجزائري «منظمة إرهابية» منذ 2021.

وهو عنصر رأى فيه الدفاع محاولة لتسييس ملف مهني صرف، حيث أكد محاميه إيمانويل داود أن «هناك سوء فهم تاما لطبيعة عمل الصحافي»، وأن القضاة تعاملوا مع غليز «كناشط سياسي يحمل أيديولوجيا معادية للنظام».

سلوك المحكمة عزز هذا الانطباع؛ فوفق مراسل وكالة فرانس برس الذي حضر الجلسة، فقد انصبّت الأسئلة على تفاصيل سياسية أكثر من تركيزها على طبيعة عمل صحافي جاء للبحث الميداني حول ناد لكرة القدم.

وبدا واضحا أن الخلط بين الصحافي والناشط السياسي أصبح قاعدة لدى أجهزة الدولة العسكرية، وأن التهم الجاهزة مثل «تمجيد الإرهاب» و«المؤامرة ضد الدولة» صارت سلاحا يوجَّه لكل من لا ينسجم مع المزاج الرسمي.

منظمات دولية، وعلى رأسها «مراسلون بلا حدود»، اعتبرت أن غليز «لا ينبغي أن يكون في السجن»، وأنه لم يقم سوى بعمله، وهو توسيع شبكة مصادره الصحافية في سياق موضوع يحمل حساسية سياسية وتاريخية. أما محاميه، فشدد على أن موكله «صحافي رياضي استقصائي، لم يكن يحمل سوى قلم وكُرة »، وأن البناء القانوني للتهم يفتقر إلى الحد الأدنى من التماسك.

أمام المحكمة، ظهر غليز متأثرا وهو يعترف أنه ارتكب «أخطاء مهنية»، بينها عدم طلب تأشيرة صحافية، وعدم معرفته بأن الحركة الانفصالية مصنفة «إرهابية» في الجزائر. لكنه شدد في الوقت ذاته على أنه لم تكن لديه نوايا سيئة، وأنه يحب الجزائر «أكثر مما كان عليه عند وصوله».

وبغصة واضحة، لم يخف أن «ألمه الوحيد» هو البقاء بعيدا عن عائلته، ملتمسا من القضاة «الرأفة» لتمكينه من العودة إليها.

ورقة سياسية بين باريس والجزائر

القضية اكتسبت بعدا سياسيا يتجاوز طبيعتها القضائية. فالتوترات المتصاعدة بين باريس والجزائر—خاصة بعد إعلان فرنسا في يوليوز 2024 دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية—ظلت تلقي بظلالها على الملف، إلى جانب قضية الكاتب بوعلام صنصال الذي استفاد مؤخرا من عفو رئاسي، في خطوة اعتبرها محامي غليز «رسالة إيجابية» كان يأمل أن تنعكس على موكله.

وتزامنا مع تثبيت الحكم، تواصل وسائل إعلام فرنسية ومنظمات حقوقية متابعة القضية عن كثب، معتبرة أن اعتقال ومحاكمة صحافي رياضي بهذا الشكل يؤشر إلى نهج تضييقي أوسع يستهدف الصحافة بعمومها، سواء المحلية أو الأجنبية. كما عبّرت أسرة غليز عن أملها في أن تؤدي التحولات السياسية بين البلدين إلى مراجعة مستقبلية للملف، بعد أن أصبح رمزا لتقاطع الصحافة مع الحسابات السياسية.

ومع تثبيت حكم السبع سنوات، يبدو أن الصفحة القضائية لم تطو بعد، وأن ملف كريستوف غليز سيظل عنوانا لمرحلة يشتد فيها الخلط بين العمل الصحافي والولاء السياسي في الجزائر، حيث تتحول التغطية الرياضية أحيانا إلى قضية أمن دولة.

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 03/12/2025 على الساعة 18:32