ووفقا لبيان وزارة الداخلية، فإن هذه التدابير ستُطبق ابتداء من منتصف ليلة الجمعة السبت وحتى صباح يوم الأحد 8 شتنبر 2024. ويتعلق الأمر بتأجيل كل التظاهرات الرياضية والثقافية مع إعادة برمجتها في تواريخ لاحقة، وغلق الأسواق الأسبوعية بكل أنواعها، ومنع سير مركبات نقل البضائع التي حمل حصى ورمل وخشب ومشتقاته وكل مواد البناء الأخرى، وكذا صهاريج الوقود، إلى جانب منع نقل البضائع عبر السكك الحديدية.
وتؤكد هاته الإجراءات حجم الرعب والهلع الذي وصل إليه النظام الجزائري، إلى درجة أنه سيحول « عرسا انتخابيا » إلى مأتم تفرض فيه حالة طوارئ لينزل فيها الجيش إلى الشوارع ليمنع تنقلات المواطنين.
غضب وغليان شعبي
أثارت هذه الإجراءات الغريبة غضب مواطنين جزائريين لم يخفوا تضايقهم من فرض هاته الإجراءات ضدهم، واعتبروا من خلال تعليقاتهم على منصات التواصل الاجتماعي أن مثل هاته الإجراءات الرامية لإيقاف شريان الحياة في البلاد يوم الاقتراع، لا توجد حتى في قطاع غزة التي تعيش حالة حرب.
وكتب مواطن اسمه محمد توفيق تعليقا على منشور وزارة الداخلية في صفحتها على منصة فيسبوك، متسائلا باستنكار: « منع شاحنات نقل الوقود والسكك الحديدية.. وما دخلها في الانتخابات؟ »، ليرد عليه عبد الكريم زيدان قائلا: « يريدون أن يجبروا الشعب على الانتخاب ». أما قيس إبراهيمي فقد جزم موقفه حين كتب: « والله لن أصوت ولو ظلت هاته الإجراءات لعام كامل ».
الغضب الشعبي تجاه هذه الإجراءات لم يتوقف عند هذا الحد، حيث اعتبر كثيرون أن النظام الجزائري يحوّل « العرس الانتخابي » إلى « جنازة »، وفق تعبير بعض التعليقات على مواقع التواصل. ومن بين التعليقات الساخرة، تساءل صلاح يوسفي: « هل هذا عرس انتخابي أم جنازة انتخابية؟ »، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات تشبه فرض حالة طوارئ أكثر منها استعدادات ليوم ديمقراطي. فيما رد عليه كريم بتعليق ساخر: « إنه حدث عظيم يجب أن يتوقف خلاله كل شيء، حتى الكرة الأرضية يجب أن تتوقف عن الدوران يوم الانتخابات الرئاسية في الجزائر ».
أحد المواطنين، الذي يحمل حسابه اسم « معا لغد أفضل »، طرح سؤالاً محوريا: « وما ذنب المسكين الذي يشتغل ليعيل أسرته في الأسواق أو سائقا في نقل البضائع؟ هل ستعوضونه؟ »، في إشارة إلى التأثير المباشر لهذه التدابير على أرزاق العديد من المواطنين. وقد علّق آخر موجها سؤاله إلى وزارة الداخلية: « هل يمكن لأحد في الوزارة أن يشرح لنا الفائدة من استمرار العمل بهذا الإجراء الذي لجأت إليه الدولة سابقا في ظل معطيات أمنية خاصة لم تعد قائمة اليوم؟! أم أنه التكرار البليد فقط؟ وزارة هواة فعلا »، ليجيبه آخر اسمه غاني قائلا: « إنهم الكهول (يقصد الجنرالات الطاعنين في السن) يفعلون ما يشاؤون في هاته البلاد ».
وتشير هذه الردود إلى حجم الغضب والقلق في الشارع الجزائري، حيث يبدو أن الإجراءات المشددة تعكس مخاوف النظام من أي اضطرابات قد تحدث خلال يوم الانتخابات.
إقرأ أيضا : رئاسيات الجزائر: تبون يمطر المواطنين بالوعود الكاذبة ويغدق على الجيش بالهدايا
كما تشير هذه الإجراءات الصارمة إلى أن النظام العسكري في الجزائر يعيش هاجسا دائما من الديمقراطية والمشاركة الشعبية الحقيقية. فبدلا من تعزيز الثقة بين السلطة والشعب، يلجأ النظام إلى فرض قيود مشددة تعكس خوفه من أي تعبير حر قد يكشف عن مدى السخط الشعبي المتزايد تجاه سياساته.
إن فرض منع التنقلات وإغلاق الأسواق وتعطيل الحياة العامة في يوم الاقتراع ليس سوى دليلا على أن النظام يرى في الانتخابات تهديدا محتملا، وليس فرصة لتعزيز الشرعية الديمقراطية. بهذا، يتضح أن النظام الجزائري، رغم كل مظاهره المؤسسية، لا يزال يتعامل بعقلية أمنية تخشى من أي بوادر تغيير ديمقراطي قد تقلب موازين السلطة في البلاد.