الجزائر: الأزمة مع مالي تتفاقم وتصل إلى محكمة العدل الدولية

رئيس أركان الجيش الجزائري سعيد شنقريحة خلال مناورة عسكرية في الصحراء

في 06/09/2025 على الساعة 11:00

تشهد قضية الطائرة المسيّرة المالية التي أسقطها الجيش الجزائري في أبريل الماضي على الحدود بين البلدين تطوراً جديداً، بعدما أعلنت مالي، يوم الخميس 4 شتنبر، أنها قدّمت شكوى ضد الجزائر أمام محكمة العدل الدولية بتهمة «العدوان الصارخ» في إطار «تواطؤ» مع الحركات الإرهابية التي تستضيفها الجزائر وتوفر لها الحماية على أراضيها.

وكانت دول تحالف دول الساحل (AES)، الذي يضم مالي وبوركينا فاسو والنيجر، قد استدعت في أبريل سفراءها لدى الجزائر بشكل جماعي ومتزامن، تعبيراً عن دعمها لباماكو بعد إسقاط الجيش الجزائري طائرة مسيّرة مالية كانت تستعد لشن عمليات ضد مجموعة إرهابية على الحدود بين البلدين.

الجزائر أعلنت عن الحادثة باحتفالية كبيرة، وسخّرت آلتها الدعائية لتصويره كدليل على «مهنية» الجيش الجزائري في حماية الحدود، في وقت يتعرض فيه لانتقادات بسبب تدخل جنرالاته في الشؤون السياسية والاقتصادية للبلاد.

لكن هذا التبجح سرعان ما قوبل برد قوي وسريع من مالي وحلفائها في الساحل، الذين اتهموا الجزائر بصوت واحد بأنها دولة معتدية وراعية للجماعات الإرهابية.

هذه التهمة، التي تستند إلى دلائل ومعطيات، أعادتها الحكومة المالية إلى الواجهة عبر رفع دعوى ضد الجزائر أمام محكمة العدل الدولية على خلفية إسقاط الطائرة المسيّرة المالية.

وفي بيان صدر يوم الخميس 4 شتنبر، أكدت سلطات باماكو أنها قدّمت في اليوم نفسه «طلباً إلى محكمة العدل الدولية» ضد الجزائر. وأوضح البيان أن هذه الخطوة جاءت «إثر التدمير المسبق لطائرة استطلاع تابعة للجيش المالي من طرف النظام الجزائري، ليلة 31 مارس – 1 أبريل 2025، في تينزواتين بإقليم كيدال».

وترى باماكو أن ما حدث يشكّل اعتداءً صارخاً وانتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة ولمبادئ الاتحاد الإفريقي، خاصة وأن إسقاط الطائرة وقع داخل الأراضي المالية. واتهمت مالي الجزائر بدعم الإرهاب، معتبرة أن الحادث يعكس تصرفاً عدائياً من النظام الجزائري يهدف إلى حماية الجماعات المسلحة من عمليات الجيش المالي.

وجاء في البيان أيضاً أن «هذا العدوان السافر كان يهدف إلى عرقلة تحييد الجماعات الإرهابية من قبل القوات المسلحة والأمنية المالية. وهو يندرج ضمن سلسلة من الأعمال العدائية والخبيثة التي طالما نددت بها السلطات المالية، ويكشف بوضوح عن تواطؤ غير سوي بين الإرهابيين والنظام الجزائري الذي يوفر لهم الحماية».

وتأتي هذه الشكوى في توقيت غير ملائم إطلاقاً بالنسبة للجزائر، التي تستضيف منذ 4 شتنبر، وسط ضجة سياسية وإعلامية، ملتقى مخصصاً للتجارة والاستثمار الإفريقي. غير أن هذه الفعالية، بحسب مراقبين، لا تعدو أن تكون محاولة لتلميع صورة نظام معزول أكثر من أي وقت مضى إقليمياً ودولياً، ومطعون في شرعيته داخلياً بسبب سوء إدارته لشؤون البلاد.

تزامن تقديم مالي شكواها مع تنظيم هذا الملتقى في الجزائر كشف أيضاً أن الجزائر لا تملك ما تقدمه لشركائها الأفارقة، إذ لا تنتج شيئاً تقريباً، بينما تظل حدودها شبه مغلقة مع جيرانها المباشرين (المغرب، مالي، النيجر، ليبيا) بسبب التوترات المستمرة.

وقد سارع أحد أبواق النظام الإعلامية إلى الرد على الشكوى المالية بالهجوم على حكومة باماكو ونعْتها بـ«الانقلابية» و«غير الشرعية»، معتبراً أن الدعوى ضد النظام الجزائري غير مقبولة. غير أن المؤكد أن الطلب المالي يستند إلى معطيات ملموسة، خاصة أن حطام الطائرة المسيّرة تم العثور عليه داخل الأراضي المالية.

أما وزارة الدفاع الجزائرية فقد أصدرت بياناً اعتُبر ضعيف المصداقية، لم يقدم أي دليل على خرق الطائرة المالية للأجواء الجزائرية، وهو ما رأت فيه باماكو محاولة للتغطية على الدعم الجزائري للجماعات الإرهابية وحمايتها من عمليات الجيش المالي.

تجدر الإشارة إلى أن الأزمة بين مالي والجزائر تفجرت علناً بعدما قررت السلطات المالية الجديدة، المنبثقة عن انقلاب شتنبر 2020، إلغاء اتفاق الجزائر لعام 2015 في يناير 2024، بسبب ما اعتبرته سلسلة من تدخلات النظام الجزائري في الشؤون الداخلية لمالي.

ولم تكتف الجزائر حينها بالتشكيك في شرعية السلطة الجديدة في باماكو، بل سارعت أيضاً إلى استقبال كل المعارضين الماليين، سواء من الانفصاليين الطوارق أو قادة الجماعات الإرهابية. كما يواصل كل من الحكومة المالية والمحكمة الجنائية الدولية المطالبة من الجزائر بتسليم إياد أغ غالي، زعيم « جماعة نصرة الإسلام والمسلمين » الناشطة في الساحل انطلاقاً من الجنوب الجزائري.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 06/09/2025 على الساعة 11:00