رسالة مفتوحة تطالب بإطلاق سراح بوعلام صنصال: فضح تناقضات النظام الجزائري ودور عميد مسجد باريس في التجنيد السياسي

صورة مركبة لكل من السفير الفرنسي الأسبق لدى الجزائر، كزافيي دريانكور، واللاجئ السياسي الجزائري شوقي بن زهرة، والكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، وعميد مسجد باريس شمس الدين حفيظ

في 17/01/2025 على الساعة 08:00

فيديوفي رسالة مفتوحة موجهة إلى شمس الدين حفيظ، عميد مسجد باريس، عبر كل من السفير الفرنسي الأسبق لدى الجزائر، كزافيي دريانكور، واللاجئ السياسي الجزائري شوقي بن زهرة عن استيائهما من بيان صادر عن مسجد باريس استهدفهما شخصيا ووصفهما بـ »المدون المغمور » و »السفير الأسبق المعروف بعدائه الأعمى ضد الجزائر ». الرسالة لم تكتف فقط بكشف أبعاد جديدة في العلاقة المتوترة بين الأطراف السياسية والدينية والثقافية الجزائرية والفرنسية، بل سلطت الضوء على قضية اعتقال الكاتب بوعلام صنصال، الكاتب والعضو في الأكاديمية الفرنسية والمعتقل تعسفيا في الجزائر (منذ منتصف شهر نونبر الماضي)، حيث طالب الموقعان على الرسالة عميد مسجد باريس بالتحرك للمطالبة بإطلاق سراحه.

استهل كزافيي دريانكور وشوقي بن زهرة رسالتهما بالإشارة إلى أن البيان العدائي الصادر عن مسجد باريس بتاريخ 6 يناير 2025 « لم يكن مبررا »، حيث جمع بين سفير فرنسي سابق في الجزائر، ولاجئ سياسي جزائري، مؤكدين أن هذا الجمع غير المتوقع جاء نتيجة « فتوى » اعتبرتها الرسالة هجوما دنيئا هدفه تشتيت الانتباه عن الأزمات الحقيقية التي تعيشها الجزائر داخليا وخارجيا.

وسجل الموقعان على الرسالة « تجاهل » شمس الدين حفيظ لقضية الكاتب الجزائري بوعلام صنصال، الذي يتقاسم معه الجنسية الجزائرية والفرنسية، وزميله في الأكاديمية الفرنسية. وتساءلا عن سبب غياب أي مواقف داعمة من عميد مسجد باريس تجاه مصير صنصال، الذي تم اعتقاله واحتجازه في الجزائر (يوم 16 نونبر 2024)، معتبرين أن هذا الصمت يعكس انشغال حفيظ بالنشاطات السياسية على حساب دوره الديني.

الجزائر بين أزمات الداخل والخارج

لم تتوقف الرسالة عند الشأن الشخصي، بل امتدت لتحليل الوضع الجزائري الراهن، حيث أكد الموقعان أن الجزائر تعيش في حالة ضعف داخلي وخارجي.

فعلى المستوى الداخلي، تواجه البلاد حملات احتجاجية مثل هاشتاغ « #مانيش_راضي »، التي تعكس السخط الشعبي المتزايد والإحباط العام في أوساط الجزائريين عقب الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

أما خارجيا، فتتفاقم أزمات بلاد « القوة الضاربة » نتيجة الإخفاقات الدبلوماسية والانسحاب المتزايد على الساحة الدولية بسبب قضايا مثل القطيعة مع المغرب، والاحتكاكات الدبلوماسية مع فرنسا وإسبانيا، ومحدودية الدعم الروسي بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا...

الدعوة إلى التغيير

وجه الموقعان دعوة صريحة إلى شمس الدين حفيظ لاستغلال مكانته الدينية والسياسية في دفع عجلة التغيير والتقارب بين الجزائر وفرنسا.

وأكدا أن بناء علاقة صحية ومستدامة بين البلدين يستوجب فتح الملفات العالقة ووقف استغلال « ريع الذاكرة »، في إشارة إلى الخطاب الموروث الذي يربط العلاقات الفرنسية الجزائرية بالماضي الاستعماري.

تأجيج الصراعات

تضمنت الرسالة انتقادا لاذعا لدور شمس الدين حفيظ في « تأجيج الصراعات » بدلا من مرافقة التحول الذي قد يخدم مصالح البلدين.

ورأى الموقعان أن الانشغال بالسياسة على حساب الدين لا يخدم تطلعات الجزائريين أو الفرنسيين، بل يزيد من تعقيد المشهد.

حملة إعلامية مسعورة

منذ فضحه لتورط عميد مسجد باريس الكبير في تجنيد « مؤثرين » جزائريين مقيمين في فرنسا من أجل الترويج لأطروحات النظام العسكري الجزائري ومهاجمة المعارضين لحكم الجنرالات، سلطت وسائل الإعلام المسخرة من النظام العسكري أقلامها المسعورة ضد شوقي بن زهرة، حيث لم تدخر جهدا في محاولة تشويه سمعته من خلال النبش في ماضيه قبل 13 سنة من مغادرته الجزائر صوب فرنسا.

هذه الحملة جاءت في أعقاب اعتقال السلطات الفرنسية لعدد من هؤلاء « المؤثرين » الذين بلّغ عنهم شوقي بن زهرة بعدما أهدروا دمه ودعوا إلى تصفيته.. في فضيحة أثارت جدلا واسعا وأكدت مصداقية تصريحات بن زهرة.

المطالبة بإطلاق سراح صنصال

اختتم الموقعان الرسالة بمطالبة شمس الدين حفيظ باستخدام نفوذه للمطالبة بإطلاق سراح بوعلام صنصال، مؤكدين أن هذا الدور يتماشى مع مسؤوليته كرجل دين قبل أن يكون شخصية سياسية.

واعتبرا أن احتجاز صنصال يعكس سياسة هروب إلى الأمام بدل مواجهة المشاكل الحقيقية. وطالبا حفيظ باستخدام نفوذه للضغط من أجل إطلاق سراح صنصال، باعتباره زميلا في الأكاديمية الفرنسية.

وعبّرا عن أملهما في أن تكون سنة 2025 سنة تغيير إيجابي للجزائر وفرنسا، وأن ينضم صنصال قريبا إليهم في فرنسا.

انعكاسات الرسالة

تعكس هذه الرسالة المفتوحة أكثر من مجرد اعتراض على بيان عميد مسجد باريس، بل هي دعوة جادة لإعادة تقييم العلاقات بين الجزائر وفرنسا بعيدا عن التصعيد السياسي والعاطفي. مطالبته بإطلاق سراح بوعلام صنصال تمثل خطوة نحو تحقيق العدالة والحرية في سياق سياسي مشحون، وتسلط الضوء على الدور الذي يمكن أن يلعبه رجال الدين والسياسة في دعم التغيير الإيجابي.

من جهة أخرى، تضع الرسالة شمس الدين حفيظ في موقف حرج، حيث تسلط الضوء على تناقضات خطابه وازدواجية مواقفه. كما تعكس حاجة ملحة لإعادة النظر في العلاقة بين السياسي والديني في السياق الجزائري الفرنسي، خاصة في ظل الأزمات المتعددة التي تواجهها الجزائر داخليا وخارجيا.

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 17/01/2025 على الساعة 08:00