قرار الحكم الذاتي يشعل الفوضى في تندوف.. والبوليساريو ترد بحظر التجول وقمع الأفراح

مشهد من أحد مخيمات تندوف

في 03/11/2025 على الساعة 19:30

بينما كانت شوارع المغرب تضج بالفرح والاحتفال العفوي، من طنجة شمالا إلى الأقاليم الجنوبية، عقب صدور قرار مجلس الأمن الدولي الذي رسخ مبادرة الحكم الذاتي كإطار وحيد لتسوية نزاع الصحراء.. كانت مخيمات تندوف تعيش ليلة سوداء من القمع والانفلات الأمني غير المسبوق.

عاشت مخيمات تندوف، الخاضعة لسيطرة جبهة البوليساريو، حالة من الفوضى وانعدام الأمن فور صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2797. هذا القرار، الذي رسخ مقترح الحكم الذاتي المغربي كإطار وحيد لحل النزاع، مثل انتصارا دبلوماسيا حاسما للمغرب، بينما أوقع الجبهة الانفصالية وداعمتها الجزائري في صدمة سياسية كبيرة أنهت سنوات من الادعاءات الوهمية.

ولاحتواء الصدمة، سارعت الجبهة إلى فرض حالة طوارئ قصوى وحظر شامل للتجول، مع انتشار القوات القمعية في كل زاوية من المخيمات.

وتشير المعطيات الصادرة عن منتدى «فورساتين» الداعم للحكم الذاتي في الصحراء، الى أن هذا الإجراء هدف إلى قمع الساكنة ومنعها من أي تجمع أو مظاهر فرح، خشية أن تُفسر على أنها احتفال بالقرار الأممي أو تناغم مع الاحتفالات التي عمت المملكة المغربية.

وهكذا، سادت مخيمات تندوف حالة من الفوضى والتخبط، ما عكس حالة الهلع والارتباك التي تعيشها مؤسسات الجبهة، توجت بإعلان حالة الطوارئ القصوى داخل مؤسسات الجبهة في محاولة بائسة لاحتواء الصدمة السياسية الكبيرة.

خطاب متشنج ورد فعل طفولي

أنهى القرار الأممي رقم 2797 سنوات من المناورات والادعاءات الوهمية التي كانت تتغذى عليها الجبهة (ومن ورائها الجزائر)، ما دفعها إلى اقتراف ردود فعل متشنجة ومرتجلة. كان المشهد الأبرز هو خروج ممثل البوليساريو في الأمم المتحدة بخطاب (غير دبلوماسي) باللهجة الحسانية في محاولة لتجميل الهزيمة وتبرير الانكسار.

وتسابقت أصوات مدونين ومحللين ورجال دين موالين على بث خرجات مرتجلة لتخفيف الضغط النفسي عن أنصار البوليساريو الذين عاشوا أحلك ليلة في تاريخهم على الإطلاق.

انفلات أمني في المخيمات

في ليلة السبت - الأحد التي تلت ليلة النصر، وقعت حوادث إطلاق نار ونهب بالقوة في عدة مناطق من المخيمات، خاصة في دائرة تشلة بمخيم أوسرد، وفق ما رصدته مصادر متطابقة، أبرزها منتدى «فورساتين».

وأشارت المصادر إلى أن هذا الانفلات الأمني حدث في ظل غياب تام لميليشيات جبهة البوليساريو، التي كانت مشغولة بفرض حظر للتجول لمنع أي مظاهر احتفالية عقب صدور القرار الأممي.

ونقل المنتدى عن شهادات واردة من داخل المخيمات بأن مجموعة كبيرة من الملثمين المسلحين، يمتطون سيارة رباعية الدفع، هاجمت مخازن المؤن المركزية في عملية خطيرة، حيث أطلق المهاجمون النار لتخويف السكان الذين حاولوا التدخل، ما اثأر حالة من الذعر والصراخ بين المدنيين.

«ولم يتوقف الهجوم عند مخازن المواد الغذائية، بل امتد إلى اقتحام خيمة عائلة صحراوية ميسورة، حيث تمت سرقة أفرادها تحت تهديد السلاح والاستيلاء على أموال وأغراض ثمينة. ورغم محاولات تدخل الجيران، إلا أن المهاجمين ردوا بإطلاق النار، ما أكد سيطرة قانون الغاب في المنطقة »، وفق ما بثه موقع « فورساتين».

وتعيد هذه الهجمات المسلحة الى الواجهة صور عمليات سابقة مشابهة، ما يؤكد تفاقم الانفلات الأمني في المخيمات وتحولها إلى ساحة للفوضى وتصفية الحسابات.

ويعزى هذا الانهيار الجزئي للسيطرة إلى انشغال قيادة البوليساريو بالتحركات الدعائية والسياسية والترويج لروايات إعلامية حول النزاع المفتعل، بدل توفير الأمن للمدنيين.

ويعتبر توقيت هذه الأحداث، الذي جاء مباشرة بعد قرار مجلس الأمن، مؤشرا خطيرا على حالة الاحتقان والاضطراب الداخلي التي تعيشها المخيمات، ما يفاقم سوء أوضاع سكانها.

المغرب يحتفل ويدعو إلى لم الشمل

في تلك الأثناء، كان المغرب يحتفل من طنجة الى الصحراء، حيث عمت الفرحة الشوارع خصوصا في الأقاليم الجنوبية. وقد زاد نداء الملك محمد السادس المشهد رمزية ودفئا.

فقد وجه الملك دعوة صادقة الى الصحراويين في مخيمات تندوف لاغتنام الفرصة التاريخية التي يتيحها الحكم الذاتي للم شملهم في إطار المغرب الموحد، مؤكدا انه لا فرق بين صحراوي عاد اليوم من المخيمات وأي مغربي يعيش منذ عقود في وطنه الأم.

هذا الخطاب زاد من حنق البوليساريو، التي عاشت ليلتها الكارثية الطويلة تحصي خسائرها المعنوية والسياسية. وبذلك يكون المغرب قد سجل نصرا جديدا في سجل سيادته، نصرا بلغة الدبلوماسية الهادئة لا الصراخ، وبقوة الشرعية الدولية لا الوهم، فشتان بين الطرفين.

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 03/11/2025 على الساعة 19:30